وَقَوْلُهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: تَنْزِيهًا للَّهِ وَعُلُوًّا لَهُ عَنِ الشِّرْكِ الَّذِي كَانَتْ قُرَيْشٌ وَمَنْ كَانَ مِنَ الْعَرَبِ عَلَى مِثْلِ مَا هُمْ عَلَيْهِ يَدِينُ بِهِ. وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] فَقَرَأَ ذَلِكَ أَهْلُ الْمَدِينَةِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] بِالْيَاءِ عَلَى الْخَبَرِ عَنْ أَهْلِ الْكُفْرِ بِاللَّهِ وَتَوْجِيهٍ لِلْخِطَابِ بِالِاسْتِعْجَالِ إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَذَلِكَ قَرَءُوا الثَّانِيَةَ بِالْيَاءِ وَقَرَأَ ذَلِكَ عَامَّةُ قُرَّاءِ الْكُوفَةِ بِالتَّاءِ عَلَى تَوْجِيهِ الْخِطَابِ بِقَوْلِهِ: {فَلَا تَسْتَعْجِلُوهُ} [النحل: 1] إِلَى أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَبِقَوْلِهِ تَعَالَى: {عَمَّا يُشْرِكُونَ} [الأعراف: 190] إِلَى الْمُشْرِكِينَ، وَالْقِرَاءَةُ بِالتَّاءِ فِي الْحَرْفَيْنِ جَمِيعًا عَلَى وَجْهِ الْخِطَابِ لِلْمُشْرِكِينَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِمَا بَيَّنْتُ مِنَ التَّأْوِيلِ أَنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا هُوَ وَعِيدٌ مِنَ اللَّهِ