حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثنا يَزِيدُ، قَالَ: ثنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ: {كَمَا أَنْزَلْنَا عَلَى الْمُقْتَسِمِينَ الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ "} [الحجر: 91] هُمْ رَهْطٌ خَمْسَةٌ مِنْ قُرَيْشٍ عَضَّهُوا الْقُرْآنَ، زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ سِحْرٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ شِعْرٌ، وَزَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ، أَمَا أَحَدُهُمْ: فَالْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، أَتَى عَلَى نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهُوَ عِنْدَ الْبَيْتِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ، عَلَى أَنَّهُ خَالِي» قَالَ: كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلِكُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ» قَالَ: كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ عَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ أَخُو بَنِي سَهْمٍ، فَقَالَ الْمَلَكُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ» قَالَ: كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «بِئْسَ -[152]- عَبْدُ اللَّهِ» قَالَ: كَفَيْنَاكَ، ثُمَّ أَتَى عَلَيْهِ الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَقَالَ لَهُ الْمَلَكُ: كَيْفَ تَجِدُ هَذَا؟ قَالَ: «بِئْسَ عَبْدُ اللَّهِ» قَالَ: كَفَيْنَاكَ، فَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ عَبْدِ يَغُوثَ، فَأُتِيَ بِغُصْنٍ مِنْ شَوْكِ فَضَرَبَ بِهِ وَجْهُهُ حَتَّى سَالَتْ حَدَقَتَاهُ عَلَى وَجْهِهِ، فَكَانَ بَعْدَ ذَلِكَ يَقُولُ: دَعَا عَلَيَّ مُحَمَّدٌ بِدَعْوَةٍ وَدَعَوْتُ عَلَيْهِ بِأُخْرَى، فَاسْتَجَابَ اللَّهُ لَهُ فِيَّ، وَاسْتَجَابَ اللَّهُ لِي فِيهِ، دَعَا عَلَيَّ أَنْ أَثْكَلَ وَأَنْ أَعْمَى، فَكَانَ كَذَلِكَ، وَدَعَوْتُ عَلَيْهِ أَنْ يَصِيرَ شَرِيدًا طَرِيدًا، فَطَرَدْنَاهُ مَعَ يَهُودِ يَثْرِبَ وَسُرَّاقِ الْحَجِيجِ، وَكَانَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْوَلِيدُ بْنُ الْمُغِيرَةِ، فَذَهَبَ يَرْتَدِي فَتَعَلَّقَ بِرِدَائِهِ سَهْمٌ غَرْبٌ، فَأَصَابَ أَكْحَلَهُ أَوْ أَبْجَلَهُ، فَأُتِيَ فِي كُلِّ ذَلِكَ فَمَاتَ، وَأَمَّا الْعَاصُ بْنُ وَائِلٍ، فَوَطِئَ عَلَى شَوْكَةٍ، فَأُتِيَ فِي ذَلِكَ، جَعَلَ يَتَسَاقَطُ لَحْمُهُ عُضْوًا عُضْوًا فَمَاتَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَأَمَّا الْأَسْوَدُ بْنُ الْمُطَّلِبِ وَعَدِيُّ بْنُ قَيْسٍ، فَلَا أَدْرِي مَا أَصَابَهُمَا، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ بَدْرٍ، نَهَى أَصْحَابَهُ عَنْ قَتَلِ أَبِي الْبَخْتَرِيِّ، وَقَالَ: «خُذُوهُ أَخْذًا، فَإِنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ بَلَاءٌ» فَقَالَ لَهُ أَصْحَابُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَبَا الْبَخْتَرِيِّ، إِنَّا قَدْ نُهِينَا عَنْ قَتْلِكَ، فَهَلُمَّ إِلَى الْأَمَنَةِ وَالْأَمَانِ فَقَالَ أَبُو الْبَخْتَرِيِّ: وَابْنُ أَخِي مَعِي؟ فَقَالُوا: لَمْ نُؤْمَرْ إِلَّا بِكَ فَرَاوَدُوهُ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، فَأَبَى إِلَّا وَابْنُ أَخِيهِ مَعَهُ، قَالَ: فَأَغْلَظَ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْكَلَامَ، فَحَمَلَ عَلَيْهِ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَطَعَنَهُ فَقَتَلَهُ، فَجَاءَ قَاتِلَهُ وَكَأَنَّمَا عَلَى ظَهْرِهِ جَبَلٌ أَوثَقَهُ مَخَافَةَ أَنْ يَلُومَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَلَمَّا أُخْبِرَ بِقَوْلِهِ: -[153]- قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَبْعَدَهُ اللَّهُ وَأَسْحَقَهُ» وَهُمُ الْمُسْتَهْزِئُونَ الَّذِينَ قَالَ اللَّهُ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95] ، وَهُمُ الْخَمْسَةُ الَّذِينَ قِيلَ فِيهِمْ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95] اسْتَهْزَءُوا بِكِتَابِ اللَّهِ، وَنَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ "