حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو، قَالَ: ثنا أَبُو عَاصِمٍ، قَالَ: ثنا عِيسَى، قَالَ: ثنا الْحَسَنُ، قَالَ: ثنا وَرْقَاءُ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثنا عَبْدُ اللَّهِ، عَنْ وَرْقَاءَ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ، قَوْلُهُ: " {جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] قَالَ: " سِحْرًا، أَعْضَاءُ الْكُتُبِ كُلِّهَا، وَقُرَيْشٌ فَرَّقُوا الْقُرْآنَ، قَالُوا: هُوَ سِحْرٌ " وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ أَنْ يُقَالَ: إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ أَمَرَ نَبِيَّهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُعْلِمَ قَوْمًا عَضَّهُوا الْقُرْآنَ أَنَّهُ لَهُمْ نَذِيرٌ مِنْ عُقُوبَةٍ تَنْزِلُ بِهِمْ بِعَضْهِهِمْ إِيَّاهُ مِثْلَ مَا أَنْزَلَ بِالْمُقْتَسِمِينَ، وَكَانَ عَضْهُهُمْ إِيَّاهُ: قَذْفُهُمُوهُ بِالْبَاطِلِ، وَقِيلِهِمْ إِنَّهُ شِعْرٌ وَسِحْرٌ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ. وَإِنَّمَا قُلْنَا إِنَّ ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَاتِ بِهِ لِدَلَالَةِ مَا قَبْلَهُ مِنَ ابْتِدَاءِ السُّورَةِ وَمَا بَعْدَهُ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ} [الحجر: 95] ، عَلَى صِحَّةِ مَا قُلْنَا، وَإِنَّهُ إِنَّمَا عُنِيَ بِقَوْلِهِ: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] مُشْرِكِي قَوْمِهِ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَمَعْلُومٌ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي مُشْرِكِي قَوْمِهِ مَنْ يُؤْمِنُ بِبَعْضِ الْقُرْآنِ وَيَكْفُرُ بِبَعْضٍ، بَلْ إِنَّمَا كَانَ قَوْمُهُ فِي أَمْرِهِ عَلَى أَحَدِ مَعْنَيَيْنِ: إِمَّا مُؤْمِنٌ بِجَمِيعِهِ، وَإِمَّا كَافِرٌ بِجَمِيعِهِ وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَالصَّحِيحُ مِنَ الْقَوْلِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {الَّذِينَ جَعَلُوا الْقُرْآنَ عِضِينَ} [الحجر: 91] قَوْلُ الَّذِينَ زَعَمُوا أَنَّهُمْ عَضَهُوهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ سِحْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ شِعْرٌ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ كَهَانَةٌ، وَأَمَّا أَشْبَهُ ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ، أَوْ عَضُّوهُ