حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا وَهْبُ بْنُ جَرِيرٍ، قَالَ: ثنا سَعِيدُ بْنُ حَبِيبٍ، عَنْ حَفْصِ بْنِ عَاصِمٍ، عَنْ أَبِي سَعِيدِ بْنِ الْمُعَلَّى، أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دَعَاهُ وَهُوَ يُصَلِّي، فَصَلَّى، ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: «مَا مَنَعَكَ أَنْ تُجِيبَنِي؟» قَالَ: إِنِّي كُنْتُ أُصَلِّي قَالَ: " أَلَمْ يَقُلِ اللَّهُ -[125]-: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا للَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} [الأنفال: 24] ؟ " قَالَ: ثُمَّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَأُعَلِّمَنَّكَ أَعْظَمَ سُورَةٍ فِي الْقُرْآنِ» فَكَأَنَّهُ بَيَّنَهَا أَوْ نَسِيَ، فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، الَّذِي قُلْتَ؟ قَالَ: «الْحَمْدُ للَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، هِيَ السَّبْعُ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنُ الْعَظِيمُ الَّذِي أُوتِيتُهُ» فَإِذْ كَانَ الصَّحِيحُ مِنَ التَّأْوِيلِ فِي ذَلِكَ مَا قُلْنَا لِلَّذِي بِهِ اسْتَشْهَدْنَا، فَالْوَاجِبُ أَنْ تَكُونَ الْمَثَانِي مُرَادًا بِهَا الْقُرْآنَ كُلَّهُ، فَيَكُونُ مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعَ آيَاتٍ مِمَّا يَثْنِي بَعْضَ آيِهِ بَعْضًا وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، كَانَتِ الْمَثَانِي: جَمْعُ مَثْنَاةٍ، وَتَكُونُ آيُ الْقُرْآنِ مَوْصُوفَةً بِذَلِكَ، لِأَنَّ بَعْضَهَا يَثْنِي بَعْضًا وَبَعْضَهَا يَتْلُو بَعْضًا بِفُصُولٍ تَفْصِلُ بَيْنَهَا، فَيُعْرَفُ انْقِضَاءُ الْآيَةِ وَابْتِدَاءُ الَّتِي تَلِيهَا كَمَا وَصَفَهَا بِهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ فَقَالَ: {اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُتَشَابِهًا مَثَانِيَ تَقْشَعِرُ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ} [الزمر: 23] ، وَقَدْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهَا كَمَا قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَالضَّحَّاكُ، وَمَنْ قَالَ ذَلِكَ إِنَّ الْقُرْآنَ إِنَّمَا قِيلَ لَهُ مَثَانِيَ لِأَنَّ الْقَصَصَ وَالْأَخْبَارَ كُرِّرَتْ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى، وَقَدْ ذَكَرْنَا قَوْلَ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَثَانِي لِأَنَّهَا تُثْنَى فِي كُلِّ قِرَاءَةٍ، وَقَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ إِنَّهَا إِنَّمَا سُمِّيَتْ مَثَانِي، لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ اسْتَثْنَاهَا لِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ دُونَ سَائِرِ الْأَنْبِيَاءِ غَيْرِهِ فَادَّخَرَهَا لَهُ. -[126]- وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ يَزْعُمُ أَنَّهَا سُمِّيَتْ مَثَانِي لِأَنَّ فِيهَا الرَّحْمَنَ الرَّحِيمَ مَرَّتَيْنٍ، وَأَنَّهَا تُثْنَى فِي كُلِّ سُورَةٍ، يَعْنِي: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] . وَأَمَّا الْقَوْلُ الَّذِي اخْتَرْنَاهُ فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَهُوَ أَحَدُ أَقْوَالِ ابْنِ عَبَّاسٍ، وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ، وَمُجَاهِدٍ، وَأُبَيِ مَالِكٍ، وَقَدْ ذَكَرْنَا ذَلِكَ قَبْلُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015