الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ، فَأَنْزَلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ، وَمَا أَنْتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ} [الحجر: 22] اخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَتْهُ عَامَّةُ الْقُرَّاءِ: {وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ} [الحجر: 22] وَقَرَأَهُ بَعْضُ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ: (وَأَرْسَلْنَا الرِّيحَ لَوَاقِحَ) " فَوَحَّدَ الرِّيحَ وَهِيَ مَوْصُوفَةٌ بِالْجَمْعِ، أَعْنِي بِقَوْلِهِ: «لَوَاقِحَ» وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ مَعْنَى ذَلِكَ: أَنَّ الرِّيحَ وَإِنْ كَانَ لَفْظُهَا وَاحِدًا، فَمَعْنَاهَا الْجَمْعُ، لِأَنَّهُ يُقَالُ: جَاءَتِ الرِّيحُ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَهَبَّتْ مِنْ كُلِّ مَكَانٍ، فَقِيلَ لَوَاقِحَ لِذَلِكَ، فَيَكُونُ مَعْنَى جَمْعِهِمْ نَعْتَهَا وَهِيَ فِي اللَّفْظِ وَاحِدَةٌ مَعْنَى قَوْلِهِمْ: أَرْضٌ سَبَاسِبُ، وَأَرْضُ أَغْفَالٍ، وَثَوْبٌ أَخْلَاقٌ، كَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الرجز]
جَاءَ الشِّتَاءُ وَقَمِيصِي أَخْلَاقْ ... شَرَاذِمٌ يَضْحَكُ مِنْهُ التَّوَّاقْ