القول في تأويل قوله تعالى: ربنا إنك تعلم ما نخفي وما نعلن، وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء وهذا خبر من الله تعالى ذكره عن استشهاد خليله إبراهيم إياه على ما نوى وقصد بدعائه وقيله رب اجعل هذا البلد آمنا، واجنبني وبني أن نعبد الأصنام

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا نُخْفِي وَمَا نُعْلِنُ، وَمَا يَخْفَى عَلَى اللَّهِ مِنْ شَيْءٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ} [إبراهيم: 38] وَهَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى ذِكْرُهُ عَنِ اسْتِشْهَادِ خَلِيلِهِ إِبْرَاهِيمَ إِيَّاهُ عَلَى مَا نَوَى وَقَصَدَ بِدُعَائِهِ وَقِيلِهِ {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا، وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَنْ نَعْبُدَ الْأَصْنَامَ} [إبراهيم: 35] الْآيَةَ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا قَصَدَ بِذَلِكَ رِضَا اللَّهِ عَنْهُ فِي مَحَبَّتِهِ أَنْ يَكُونَ وَلَدُهُ مِنْ أَهْلِ الطَّاعَةِ للَّهِ، وَإِخْلَاصِ الْعِبَادَةِ لَهُ عَلَى مِثْلِ الَّذِي هُوَ لَهُ، فَقَالَ: رَبَّنَا إِنَّكَ تَعْلَمُ مَا تُخْفِي قُلُوبُنَا عِنْدَ مَسْأَلَتِنَا مَا نَسْأَلُكَ، وَفِي غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ أَحْوَالِنَا، وَمَا نُعْلِنُ مِنْ دُعَائِنَا، فَنَجْهَرُ بِهِ، وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنْ أَعْمَالِنَا، وَمَا يَخْفَى عَلَيْكَ يَا رَبَّنَا مِنْ شَيْءٍ يَكُونُ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ، لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ ظَاهِرٌ لَكَ مُتَجَلٍّ بَادٍ، لِأَنَّكَ مُدَبِّرُهُ وَخَالِقُهُ، فَكَيْفَ يَخْفَى عَلَيْكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015