وَقَدْ قِيلَ: إِنَّ ذَلِكَ إِنَّمَا قِيلَ عَلَى التَّكْثِيرِ، نَحْوَ قَوْلِ الْقَائِلِ: فُلَانٌ يَعْلَمُ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَتَاهُ كُلُّ النَّاسِ، وَهُوَ يَعْنِي بَعْضَهُمْ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ أَبْوَابَ كُلِّ شَيْءٍ} [الأنعام: 44] وَقِيلَ أَيْضًا: إِنَّهُ لَيْسَ شَيْءٌ إِلَّا وَقَدْ سَأَلَهُ بَعْضُ النَّاسِ، فَقِيلَ: {وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ} [إبراهيم: 34] أَيْ قَدْ أَتَى بَعْضَكُمْ مِنْهُ شَيْئًا، وَأَتَى آخَرَ شَيْئًا مِمَّا قَدْ سَأَلَهُ، وَهَذَا قَوْلُ بَعْضِ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْبَصْرَةِ. وَكَانَ بَعْضُ نَحْوِيِّي أَهْلِ الْكُوفَةِ يَقُولُ: مَعْنَاهُ: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا سَأَلْتُمُوهُ لَوْ سَأَلْتُمُوهُ، كَأَنَّهُ قِيلَ: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ سُؤْلِكُمْ، وَقَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّكَ تَقُولُ لِلرَّجُلِ لَمْ يَسْأَلْكَ شَيْئًا: وَاللَّهِ لَأُعْطِيَنَّكَ سُؤْلَكَ مَا بَلَغْتَ مَسْأَلَتُكَ وَإِنْ لَمْ يَسْأَلْ؟ . فَأَمَّا أَهْلُ التَّأْوِيلِ، فَإِنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَعْنَاهُ: وَآتَاكُمْ مِنْ كُلِّ مَا رَغِبْتُمْ إِلَيْهِ فِيهِ