وقوله: يتجرعه يتحساه، ولا يكاد يسيغه يقول: ولا يكاد يزدرده من شدة كراهته، وهو يسيغه من شدة العطش. والعرب تجعل " لا يكاد " فيما قد فعل، وفيما لم يفعل فأما ما قد فعل فمنه هذا، لأن الله جل ثناؤه جعل لهم ذلك شرابا، وأما ما لم يفعل وقد دخلت فيه " كاد

وَقَوْلُهُ: {يَتَجَرَّعُهُ} [إبراهيم: 17] يَتَحَسَّاهُ، {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] يَقُولُ: وَلَا يَكَادُ يَزْدَرِدَهُ مِنْ شِدَّةِ كَرَاهَتِهِ، وَهُوَ يُسِيغُهُ مِنْ شِدَّةِ الْعَطَشِ. وَالْعَرَبُ تَجْعَلُ «لَا يَكَادُ» فِيمَا قَدْ فُعِلَ، وَفِيمَا لَمْ يُفْعَلْ فَأَمَّا مَا قَدْ فُعِلَ فَمِنْهُ -[620]- هَذَا، لِأَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ جَعَلَ لَهُمْ ذَلِكَ شَرَابًا، وَأَمَّا مَا لَمْ يُفْعَلْ وَقَدْ دَخَلَتْ فِيهِ «كَادَ» فَقَوْلُهُ: {إِذَا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَرَاهَا} [النور: 40] فَهُوَ لَا يَرَاهَا. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا مِنْ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَلَا يَكَادُ يُسِيغُهُ} [إبراهيم: 17] وَهُوَ يُسِيغُهُ، جَاءَ الْخَبَرُ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015