الْمُعَقِّبَاتِ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ، هِيَ حَرَسُهُ وَجَلَاوِزَتُهُ كَمَا قَالَ ذَلِكَ مَنْ ذَكَرْنَا قَوْلَهُ. وَإِنَّمَا قُلْنَا: ذَلِكَ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِالصَّوَابِ لِأَنَّ قَوْلَهُ: {لَهُ مُعَقِّبَاتٌ} [الرعد: 11] أَقْرَبُ إِلَى قَوْلِهِ: {وَمَنْ هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} [الرعد: 10] مِنْهُ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ، فَهِيَ لِقُرْبِهَا مِنْهُ أَوْلَى بِأَنْ تَكُونَ مِنْ ذِكْرِهِ، وَأَنْ يَكُونَ الْمَعْنِيُّ بِذَلِكَ هَذَا مَعَ دَلَالَةِ قَوْلِ اللَّهِ: {وَإِذَا أَرَادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوءًا فَلَا مَرَدَّ لَهُ} [الرعد: 11] عَلَى أَنَّهُمُ الْمَعْنِيُّونَ بِذَلِكَ، وَذَلِكَ أَنَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ ذَكَرَ قَوْمًا أَهْلَ مَعْصِيَةٍ لَهُ وَأَهْلَ رِيبَةٍ، يَسْتَخْفُونَ بِاللَّيْلِ وَيَظْهَرُونَ بِالنَّهَارِ، وَيَمْتَنِعُونَ عِنْدَ أَنْفُسِهِمْ بِحَرَسٍ يَحْرُسُهُمْ، وَمَنَعَةٍ تَمْنَعُهُمْ مِنْ أَهْلِ طَاعَتِهِ أَنْ يَحُولُوا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ مَا يَأْتُونَ مِنْ مَعْصِيَةِ اللَّهِ، ثُمَّ أَخْبَرَ أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى ذِكْرُهُ إِذَا أَرَادَ بِهِمْ سُوءًا لَمْ يَنْفَعُهُمْ حَرَسُهُمْ، وَلَا يَدْفَعُ عَنْهُمْ حِفْظُهُمْ