هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: مُعْتَدِلٌ عِنْدَ اللَّهِ مِنْكُمْ أَيُّهَا النَّاسُ الَّذِي أَسَرَّ الْقَوْلَ، وَالَّذِي جَهَرَ بِهِ، وَالَّذِي {هُوَ مُسْتَخْفٍ بِاللَّيْلِ} [الرعد: 10] فِي ظُلْمَتِهِ بِمَعْصِيَةِ اللَّهِ {وَسَارِبٌ بِالنَّهَارِ} [الرعد: 10] يَقُولُ: وَظَاهِرٌ بِالنَّهَارِ فِي ضَوْئِهِ، لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، سَوَاءٌ عِنْدَهُ سِرُّ خَلْقِهِ وَعَلَانِيَتِهِمْ، لِأَنَّهُ لَا يَسْتَسِرُّ عِنْدَهُ شَيْءٌ وَلَا يَخْفَى يُقَالُ مِنْهُ: سَرَبَ يَسْرُبُ سُرُوبًا إِذَا ظَهْرَ، كَمَا قَالَ قَيْسُ بْنُ الْخَطِيمِ:

[البحر الكامل]

أَنَّى سَرَبْتِ وَكُنْتِ غَيْرَ سَرُوبِ ... وَتَقَرُّبُ الْأَحْلَامِ غَيْرُ قَرِيبِ

يَقُولُ: كَيْفَ سَرَبْتِ بِاللَّيْلِ عَلَى بُعْدِ هَذَا الطَّرِيقِ وَلَمْ تَكُونِي تَبْرُزِينَ وَتَظْهَرِينَ، وَكَانَ بَعْضُهُمْ يَقُولُ: هُوَ السَّالِكُ فِي سِرْبِهِ: أَيْ فِي مَذْهَبِهِ وَمَكَانِهِ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ فِي السَّرَبِ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ آمِنٌ فِي سَرْبِهِ بِفَتْحِ السِّينِ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ آمِنٌ فِي سِرْبِهِ بِكَسْرِ السِّينِ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015