الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: {وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ} [الرعد: 5] مُنْكِرِينَ قُدْرَةَ اللَّهِ عَلَى إِعَادَتِهِمْ خَلْقًا جَدِيدًا بَعْدَ فَنَائِهِمْ وَبَلَائِهِمْ، وَلَا يُنْكِرُونَ قُدْرَتَهُ عَلَى ابْتِدَائِهِمْ وَتَصْوِيرِهِمْ فِي الْأَرْحَامِ وَتَدْبِيرِهِمْ وَتَصْرِيفِهِمْ فِيهَا حَالًا بَعْدَ حَالٍ فَابْتَدَأَ الْخَبَرُ عَنْ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، وَالْمَعْنَى فِيهِ مَا وَصَفْتُ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {اللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَحْمِلُ كُلُّ أُنْثَى وَمَا تَغِيضُ الْأَرْحَامُ وَمَا تَزْدَادُ} [الرعد: 8] يَقُولُ: وَمَا تَنْقُصُ الْأَرْحَامُ مِنْ حَمْلِهَا فِي الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ بِإِرْسَالِهَا دَمَ الْحَيْضِ، وَمَا تَزْدَادُ فِي حَمْلِهَا عَلَى الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ لِتَمَامِ مَا نَقَصَ مِنَ الْحَمْلِ فِي الْأَشْهُرِ التِّسْعَةِ بِإِرْسَالِهَا دَمَ الْحَيْضِ {وَكُلُّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدَارٍ} [الرعد: 8] لَا يُجَاوِزُ شَيْءٌ مِنْ قَدْرِهِ عَنْ تَقْدِيرِهِ، وَلَا يَقْصُرُ أَمْرٌ أَرَادَهُ فَدَبَّرَهُ عَنْ تَدْبِيرِهِ، كَمَا لَا يَزْدَادُ حَمْلُ أُنْثَى عَلَى مَا قُدِّرَ لَهُ مِنَ الْحَمْلِ، وَلَا يَقْصُرُ عَمَّا حَدَّ لَهُ مِنَ الْقَدْرِ وَالْمِقْدَارِ، مِفْعَالٌ مِنَ الْقَدْرِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ