وَالْعُقُوبَةِ قَبْلَ الرَّخَاءِ وَالْعَافِيَةِ، فَيَقُولُونَ: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقُّ مِنْ عِنْدِكَ فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32] وَهُمْ يَعْلَمُونَ مَا حَلَّ بِمَنْ خَلَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْأُمَمِ الَّتِي عَصَتْ رَبَّهَا، وَكَذَّبَتْ رُسُلَهَا مِنْ عُقُوبَاتِ اللَّهِ وَعَظِيمِ بَلَائِهِ، فَمِنْ بَيْنَ أُمَّةٍ مُسِخَتْ قِرَدَةً وَأُخْرَى خَنَازِيرَ، وَمِنْ بَيْنَ أُمَّةٍ أُهْلِكَتْ بِالرَّجْفَةِ، وَأُخْرَى بِالْخَسْفِ، وَذَلِكَ هُوَ الْمَثُلَاتُ الَّتِي قَالَ اللَّهُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ {وَقَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمُ الْمَثُلَاتُ} [الرعد: 6] وَالْمَثُلَاتُ: الْعُقُوبَاتُ الْمُنْكِلَاتُ، وَالْوَاحِدَةُ مِنْهَا: مَثُلَةٌ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَضَمِّ الثَّاءِ، ثُمَّ تُجْمَعُ مَثُلَاتٍ كَمَا وَاحِدَةُ الصَّدَقَاتِ صَدَقَةٌ، ثُمَّ تَجْمَعُ صَدَقَاتٍ، وَذُكِرَ أَنَّ تَمِيمًا مِنْ بَيْنَ الْعَرَبِ تَضُمُّ الْمِيمَ وَالثَّاءَ جَمِيعًا مِنَ الْمَثُلَاتِ، فَالْوَاحِدَةُ عَلَى لُغَتِهِمْ مِنْهَا مُثْلَةٌ، ثُمَّ تُجْمَعُ عَلَى مُثُلَاتٍ، مِثْلُ غُرْفَةٍ وَغُرُفَاتٍ، وَالْفِعْلُ مِنْهُ: مَثَلْتُ بِهِ أَمْثُلُ مَثْلًا، بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَسْكِينِ الثَّاءِ، فَإِذَا أَرَدْتَ أَنَّكَ أَقْصَصْتَهُ مِنْ غَيْرِهِ، قُلْتُ: أَمْثَلْتُهُ مِنْ صَاحِبِهِ أُمْثِلُهُ أَمْثَالًا، وَذَلِكَ إِذَا أَقْصَصْتَهُ مِنْهُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ