وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [الرعد: 4] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِي مُخَالَفَةِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ بَيْنَ هَذِهِ الْقِطَعِ مِنَ الْأَرْضِ الْمُتَجَاوِرَاتِ، وَثِمَارِ جَنَّاتِهَا وَزُرُوعِهَا -[432]- عَلَى مَا وَصَفْنَا وَبَيَّنَّا لَدَلِيلًا وَاضِحًا وَعِبْرَةً لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ اخْتِلَافَ ذَلِكَ، أَنَّ الَّذِيَ خَالَفَ بَيْنَهُ عَلَى هَذَا النَّحْوِ الَّذِي خَالَفَ بَيْنَهُ، هُوَ الْمُخَالِفُ بَيْنَ خَلْقِهِ فِيمَا قَسَمَ لَهُمْ مِنْ هِدَايَةٍ وَضَلَالٍ وَتَوْفِيقٍ وَخِذْلَانٍ، فَوَفَّقَ هَذَا وَخَذَلَ هَذَا، وَهَدَى ذَا وَأَضَلَّ ذَا، وَلَوْ شَاءَ لَسَوَّى بَيْنَ جَمِيعِهِمْ، كَمَا لَوْ شَاءَ سَوَّى بَيْنَ جَمِيعِ أُكُلِ ثِمَارِ الْجَنَّةِ الَّتِي تَشْرَبُ شُرْبًا وَاحِدًا، وَتُسْقَى سَقْيًا وَاحِدًا، وَهِيَ مُتَفَاضِلَةٌ فِي الْأُكُلِ