وَقَوْلُهُ: {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [الرعد: 3] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: إِنَّ فِيمَا وَصَفْتُ وَذَكَرْتُ مِنْ عَجَائِبِ خَلْقِ اللَّهِ وَعَظِيمِ قُدْرَتِهِ الَّتِي خَلَقَ بِهَا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، لَدَلَالَاتٍ وَحُجَجًا وَعِظَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ فِيهَا، فَيَسْتَدِلُّونَ وَيَعْتَبِرُونَ بِهَا، فَيَعْلَمُونَ أَنَّ الْعِبَادَةَ لَا تَصْلُحُ، وَلَا تَجُوزُ، إِلَّا لِمَنْ خَلَقَهَا، وَدَبَّرَهَا، دُونَ غَيْرِهِ مِنَ الْآلِهَةِ وَالْأَصْنَامِ الَّتِي لَا تَقْدِرُ عَلَى ضُرٍّ، وَلَا نَفْعٍ، وَلَا لِشَيْءٍ غَيْرِهَا، إِلَّا لِمَنْ أَنْشَأَ ذَلِكَ فَأَحْدَثَهُ مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ، تَبَارَكَ وَتَعَالَى، وَأَنَّ الْقُدْرَةَ الَّتِي أَبْدَعَ بِهَا ذَلِكَ هِيَ الْقُدْرَةُ الَّتِي لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ إِحْيَاءُ مَنْ هَلَكَ مِنْ خَلْقِهِ، وَإِعَادَةِ مَا فَنِيَ مِنْهُ، وَابْتِدَاعِ مَا شَاءَ ابْتِدَاعَهُ بِهَا