الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ، وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ، كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى، يُدَبِّرُ الْأَمْرَ، يُفَصِّلُ الْآيَاتِ، لَعَلَّكُمْ بِلِقَاءِ رَبِّكُمْ تُوقِنُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: اللَّهُ يَا مُحَمَّدُ هُوَ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ السَّبْعَ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا، فَجَعَلَهَا لِلْأَرْضِ سَقْفًا مَسْمُوكًا، وَالْعَمَدُ جَمْعُ عَمُودٍ، وَهِيَ السَّوَارِي، وَمَا يُعْمَدُ بِهِ الْبِنَاءُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
[البحر البسيط]
وَخَيَّسَ الْجِنَّ أَنِّي قَدْ أَذِنْتُ لَهُمْ ... يَبْنُونَ تَدْمُرَ بِالصُّفَّاحِ وَالْعَمَدِ
وَجَمْعُ الْعَمُودِ: عَمَدٌ، كَمَا جَمْعُ الْأَدِيمِ: أَدَمٌ، وَلَوْ جُمِعَ بِالضَّمِّ فَقِيلَ: عُمُدٌ جَازَ، كَمَا يُجْمَعُ الرَّسُولُ: رُسُلٌ، وَالشَّكُورُ: شُكُرٌ. وَاخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِغَيْرِ عَمَدٍ تَرَوْنَهَا} فَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَأْوِيلُ ذَلِكَ: اللَّهُ الَّذِي رَفَعَ السَّمَوَاتِ بِعَمَدٍ لَا تَرَوْنَهَا