القول في تأويل قوله تعالى: لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب، ما كان حديثا يفترى، ولكن تصديق الذي بين يديه، وتفصيل كل شيء، وهدى ورحمة لقوم يؤمنون يقول تعالى ذكره: لقد كان في قصص يوسف وإخوته عبرة لأهل الحجا والعقول، يعتبرون بها، وموعظة يتعظون

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ، مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى، وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ، وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ، وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِ يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ عِبْرَةٌ لِأَهْلِ الْحِجَا وَالْعُقُولِ، يَعْتَبِرُونَ بِهَا، وَمَوْعِظَةٌ يَتَّعِظُونَ بِهَا، وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بَعْدَ أَنْ أُلْقِيَ يُوسُفُ فِي الْجُبِّ لِيَهْلِكَ، ثُمَّ بِيعَ بَيْعَ الْعَبِيدِ بِالْخَسِيسِ مِنَ الثَّمَنِ، وَبَعْدَ الْإِسَارِ وَالْحَبْسِ الطَّوِيلِ، مَلَّكَهُ مِصْرَ، وَمَكَّنَ لَهُ فِي الْأَرْضِ، وَأَعْلَاهُ عَلَى مَنْ بَغَاهُ سُوءًا مِنْ إِخْوَتِهِ، وَجَمَعَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ وَالِدَيْهِ وَإِخْوَتِهِ بِقُدْرَتِهِ بَعْدَ الْمُدَّةِ الطَّوِيلَةِ، وَجَاءَ بِهِمْ إِلَيْهِ مِنَ الشُّقَّةِ النَّائِيَةِ الْبَعِيدَةِ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ لِلْمُشْرِكِينَ مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ قَوْمِ نَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ أَيُّهَا الْقَوْمُ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لَوِ اعْتَبَرْتُمْ بِهِ أَنَّ الَّذِي فَعَلَ ذَلِكَ بِيُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ لَا يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مِثْلَهُ بِمُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015