لَمْ يُوَجِّهِ الظَّنَّ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْهُمْ أَحَدٌ إِلَى مَعْنَى الْعِلْمِ وَالْيَقِينِ، مَعَ أَنَّ الظَّنَّ إِنَّمَا اسْتَعْمَلَهُ الْعَرَبُ فِي مَوْضِعِ الْعِلْمِ فِيمَا كَانَ مِنْ عِلْمٍ أُدْرِكَ مِنْ جِهَةِ الْخَبَرِ، أَوْ مِنْ غَيْرِ وَجْهِ الْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ، فَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ عِلْمٍ أُدْرِكَ مِنْ وَجْهِ الْمُشَاهَدَةِ وَالْمُعَايَنَةِ فَإِنَّهَا لَا تَسْتَعْمِلُ فِيهِ الظَّنَّ، لَا تَكَادُ تَقُولُ: أَظُنُّنِي حَيًّا وَأَظُنُّنِي إِنْسَانًا، بِمَعْنَى: أَعْلَمُنِي إِنْسَانًا وَأَعْلَمُنِي حَيًّا وَالرُّسُلُ الَّذِينَ كَذَّبَتْهُمْ أُمَمُهُمْ لَا شَكَّ أَنَّهَا كَانَتْ لِأُمَمِهَا شَاهِدَةٌ وَلِتَكْذِيبِهَا إِيَّاهَا مِنْهَا سَامِعَةٌ، فَيُقَالُ فِيهَا: ظَنَّتْ بِأُمَمِهَا أَنَّهَا كَذَّبَتْهَا وَرُوِيَ عَنْ مُجَاهِدٍ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ هُوَ خِلَافُ جَمِيعِ مَا ذَكَرْنَا مِنْ أَقْوَالِ الْمَاضِينَ الَّذِينَ سَمَّيْنَا أَسْمَاءَهُمْ وَذَكَرْنَا أَقْوَالَهُمْ، وَتَأْوِيلٌ خِلَافَ تَأْوِيلِهِمْ، وَقِرَاءَةٌ غَيْرُ قِرَاءَةِ جَمِيعِهِمْ، وَهُوَ أَنَّهُ فِيمَا ذُكِرَ عَنْهُ كَانَ يَقْرَأُ: (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوا) بِفَتْحِ الْكَافِ وَالذَّالِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ. ذِكْرُ الرِّوَايَةِ عَنْهُ بِذَلِكَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015