حُدِّثْتُ عَنِ الْحُسَيْنِ بْنِ الْفَرَجِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُعَاذٍ يَقُولُ: ثنا عُبَيْدُ بْنُ سُلَيْمَانَ، قَالَ: سَمِعْتُ الضَّحَّاكَ فِي قَوْلِهِ: {حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ} [يوسف: 110]-[392]- يَقُولُ: " اسْتَيْأَسُوا مِنْ قَوْمِهِمْ أَنْ يُجِيبُوهُمْ، وَيُؤْمِنُوا بِهِمْ، وَظَنُّوا: يَقُولُ: وَظَنَّ قَوْمُ الرُّسُلِ أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبُوهُمُ الْمَوْعِدَ ". وَالْقِرَاءَةُ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ الَّذِي ذَكَرْنَا فِي قَوْلِهِ: {كُذِبُوا} [آل عمران: 11] بِضَمِّ الْكَافِ وَتَخْفِيفِ الذَّالِ، وَذَلِكَ أَيْضًا قِرَاءَةُ بَعْضِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَعَامَّةِ قُرَّاءِ أَهْلِ الْكُوفَةِ. وَإِنَّمَا اخْتَرْنَا هَذَا التَّأْوِيلَ وَهَذِهِ الْقِرَاءَةَ، لِأَنَّ ذَلِكَ عُقَيْبَ قَوْلِهِ: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا نُوحِي إِلَيْهِمْ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى، أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ} [يوسف: 109] فَكَانَ ذَلِكَ دَلِيلًا عَلَى أَنَّ إِيَاسَ الرُّسُلِ كَانَ مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِمُ الَّذِينَ أُهْلِكُوا، وَأَنَّ الْمُضْمَرَ فِي قَوْلِهِ: {وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا} [يوسف: 110] إِنَّمَا هُوَ مِنْ ذِكْرِ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْأُمَمِ الْهَالِكَةِ، وَزَادَ ذَلِكَ وُضُوحًا أَيْضًا إتْبَاعُ اللَّهِ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنِ الرُّسُلِ وَأُمَمِهِمْ قَوْلَهُ: {فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ} [يوسف: 110] إِذِ الَّذِينَ أُهْلِكُوا هُمُ الَّذِينَ ظَنُّوا أَنَّ الرُّسُلَ قَدْ كَذَبَتْهُمْ، فَكَذَّبُوهُمْ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّهُمْ قَدْ كَذَبُوهُمْ. وَقَدْ ذَهَبَ قَوْمٌ مِمَّنْ قَرَأَ هَذِهِ الْقِرَاءَةَ إِلَى غَيْرِ التَّأْوِيلِ الَّذِي اخْتَرْنَا، وَوَجَّهُوا مَعْنَاهُ إِلَى: حَتَّى إِذَا اسْتَيْأَسَ الرُّسُلُ مِنْ إِيمَانِ قَوْمِهِمْ، وَظَنَّتِ الرُّسُلُ أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا فِيمَا وُعِدُوا مِنَ النَّصْرِ