وَقَوْلُهُ: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ} [يوسف: 109] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا فِعْلُنَا فِي الدُّنْيَا بِأَهْلِ وِلَايَتِنَا وَطَاعَتِنَا، إِنَّ عُقُوبَتَنَا إِذَا نَزَلَتْ بِأَهْلِ مَعَاصِينَا وَالشِّرْكِ بِنَا أَنْجَيْنَاهُمْ مِنْهَا، وَمَا فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ لَهُمْ خَيْرٌ، وَتَرَكَ ذِكْرَ مَا ذَكَرْنَا اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ: {وَلَدَارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا} [يوسف: 109] عَلَيْهِ، وَأُضِيفَتِ الدَّارُ إِلَى الْآخِرَةِ، وَهِيَ الْآخِرَةُ، لِاخْتِلَافِ لَفْظِهِمَا، كَمَا قِيلَ: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ حَقُّ الْيَقِينِ} [الواقعة: 95] وَكَمَا قِيلَ: أَتَيْتُكَ عَامَ -[382]- الْأَوَّلِ، وَبَارِحَةَ الْأُولَى، وَلَيْلَةَ الْأُولَى، وَيَوْمَ الْخَمِيسِ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الوافر]
أَتَمْدَحُ فَقْعَسَا وَتَذُمُّ عَبَسَا ... أَلَا للَّهِ أُمُّكَ مِنْ هَجِينِ
وَلَوْ أَقْوَتْ عَلَيْكَ دِيَارُ عَبْسٍ ... عَرَفْتَ الذُّلَّ عِرْفَانَ الْيَقِينِ
يَعْنِي عِرْفَانًا بِهِ يَقِينًا. فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَلَلدَّارُ الْآخِرَةُ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوُا اللَّهَ بِأَدَاءِ فَرَائِضِهِ وَاجْتِنَابِ مَعَاصِيهِ