وَبَاطِلٍ، وَالْآخَرُ أَهْلُ حَقٍّ ثُمَّ عَقَّبَ ذَلِكَ بِقَوْلِهِ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] فَعَمَّ بِقَوْلِهِ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] صِفَةَ الصِّنْفَيْنِ، فَأَخْبَرَ عَنْ كُلِّ فَرِيقٍ مِنْهُمَا أَنَّهُ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَإِنْ كَانَ تَأْوِيلُ ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْتَ، فَقَدْ يَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْمُخْتَلِفُونَ غَيْرَ مَلُومِينَ عَلَى اخْتِلَافِهِمْ؛ إِذْ كَانَ لِذَلِكَ خَلَقَهُمْ رَبُّهُمْ، وَأَنْ يَكُونَ الْمُتَمَتِّعُونَ هُمُ الْمَلُومِينَ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى الْكَلَامِ: وَلَا يَزَالُ النَّاسُ مُخْتَلِفِينَ بِالْبَاطِلِ مِنْ أَدْيَانِهِمْ وَمِلَلِهِمْ {إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ} [هود: 119] فَهَدَاهُ لِلْحَقِّ وَلِعِلْمِهِ، وَعَلَى عِلْمِهِ النَّافِذِ فِيهِمْ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَهُمْ أَنَّهُ يَكُونُ فِيهِمُ الْمُؤْمِنُ وَالْكَافِرُ، وَالشَّقِيُّ وَالسَّعِيدُ خَلَقَهُمْ، فَمَعْنَى اللَّامِ فِي قَوْلِهِ: {وَلِذَلِكَ خَلَقَهُمْ} [هود: 119] بِمَعْنَى «عَلَى» كَقَوْلِكَ لِلرَّجُلِ: أَكْرَمْتُكَ عَلَى بِرِّكَ بِي، وَأَكْرَمْتُكَ لِبِرِّكَ بِي