حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ، قَالَ: ثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثَنَا قُرَّةُ، عَنِ الْحَسَنِ: " {أَقِمِ الصَّلَاةَ طَرَفَيِ النَّهَارِ} [هود: 114] قَالَ: الْغَدَاةَ وَالْعَصْرَ " وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ عَنَى بِطَرَفَي النَّهَارِ: الظُّهْرَ، وَالْعَصْرَ؛ وَبِقَوْلِهِ: {زُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ} [هود: 114] الْمَغْرِبَ، وَالْعِشَاءَ، وَالصُّبْحَ وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ: هِيَ صَلَاةُ الْمَغْرِبِ كَمَا ذَكَرْنَا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ. وَإِنَّمَا قُلْنَا هُوَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ لِإِجْمَاعِ الْجَمِيعِ عَلَى أَنَّ صَلَاةَ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ مِنْ ذَلِكَ صَلَاةُ الْفَجْرِ، وَهِيَ تُصَلَّى قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ؛ فَالْوَاجِبُ إِذْ كَانَ ذَلِكَ مِنْ جَمِيعِهِمْ إِجْمَاعًا أَنْ تَكُونَ صَلَاةُ الطَّرَفِ الْآخَرِ الْمَغْرِبَ، لِأَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ، وَلَوْ كَانَ وَاجِبًا أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِصَلَاةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قَبْلَ غُرُوبِ الشَّمْسِ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ مُرَادًا بِصَلَاةِ الطَّرَفِ الْآخَرِ بَعْدَ طُلُوعِهَا، وَذَلِكَ مَا لَا نَعْلَمُ قَائِلًا قَالَهُ إِلَّا مَنْ قَالَ: عَنَى بِذَلِكَ صَلَاةَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، وَذَلِكَ قَوْلٌ لَا -[606]- يُخِيلُ فَسَادُهُ، لِأَنَّهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا جَمِيعًا مِنْ صَلَاةِ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ أَقْرَبُ مِنْهُمَا إِلَى أَنْ يَكُونَا مِنْ صَلَاةِ طَرَفَيِ النَّهَارِ، وَذَلِكَ أَنَّ الظُّهْرَ لَا شَكَّ أَنَّهَا تُصَلَّى بَعْدَ مُضِيِّ نِصْفُ النَّهَارِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي مِنْهُ، فَمُحَالُ أَنْ تَكُونَ مِنْ طَرَفِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ، وَهِيَ فِي طَرْفِهِ الْآخَرِ. فَإِذَا كَانَ لَا قَائِلَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: عَنَى بِصَلَاةِ طَرَفِ النَّهَارِ الْأَوَّلِ صَلَاةً بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَجَبَ أَنْ يَكُونَ غَيْرُ جَائِزٍ أَنْ يُقَالَ: عَنَى بِصَلَاةِ طَرَفِ النَّهَارِ الْآخِرِ صَلَاةً قَبْلَ غُرُوبِهَا. وَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ صَحَّ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْقَوْلِ وَفَسَدَ مَا خَالَفَهُ