وَهُوَ {وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} مِنْ قَدْرِ مُكْثِهِمْ فِي النَّارِ، مِنْ لَدُنْ دَخَلُوهَا إِلَى أَنْ أُدْخِلُوا الْجَنَّةَ، وَتَكُونُ الْآيَةُ مَعْنَاهَا الْخُصُوصُ؛ لِأَنَّ الْأَشْهَرَ مِنْ كَلَامِ الْعَرَبِ فِي «إِلَّا» تَوْجِيهُهَا إِلَى مَعْنَى الِاسْتِثَنَاءِ وَإِخْرَاجِ مَعْنَى مَا بَعْدَهَا مِمَّا قَبْلَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَعَهَا دَلَالَةٌ تَدُلُّ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ، وَلَا دَلَالَةَ فِي الْكَلَامِ، أَعْنِي فِي قَوْلِهِ: {إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ} [هود: 107] تَدُلُّ عَلَى أَنَّ مَعْنَاهَا غَيْرُ مَعْنَى الِاسْتِثَنَاءِ الْمَفْهُومِ فِي الْكَلَامِ فَيُوَجَّهُ إِلَيْهِ. وَأَمَّا قَوْلُهُ: {عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود: 108] فَإِنَّهُ يَعْنِي عَطَاءً مِنَ اللَّهِ غَيْرَ مَقْطُوعٍ عَنْهُمْ، مِنْ قَوْلِهِمْ: جَذَذْتُ الشَّيْءَ أَجُذُّهُ جَذًّا: إِذَا قَطَعْتُهُ، كَمَا قَالَ النَّابِغَةُ:
[البحر الطويل]
تَجُذُّ السَّلُوقِيَّ الْمُضَاعَفَ نَسْجُهُ ... وَيُوقِدْنَ بِالصُّفَّاحِ نَارَ الْحُبَاحِبِ
يَعْنِي بِقَوْلِهِ: «تُجَذُّ» : تَقْطَعُ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ ذِكْرُ مَنْ قَالَ ذَلِكَ: