حَدَّثَنَا أَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ الْبَحْرَانِيُّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْمُثَنَّى، وَمُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ، قَالُوا: ثَنَا أَبُو عَامِرٍ، قَالَ: ثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ سُفْيَانَ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ -[578]- دِينَارٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ، عَنْ عُمَرَ، قَالَ: لَمَّا نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةَ {فَمِنْهُمْ شَقِيُّ وَسَعِيدٌ} [هود: 105] سَأَلْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقُلْتُ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، فَعَلَامَ عَمِلْنَا؟ عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ أَمْ عَلَى شَيْءٍ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهُ؟ قَالَ: فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «عَلَى شَيْءٍ قَدْ فُرِغَ مِنْهُ يَا عُمَرُ وَجَرَتْ بِهِ الْأَقْلَامُ، وَلَكِنْ كُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ» اللَّفْظُ لِحَدِيثِ ابْنِ مَعْمَرٍ وَقَوْلُهُ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا مَا شَاءَ رَبُّكَ إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِمَا يُرِيدُ} يَعْنِي تَعَالَى ذِكْرُهُ بِقَوْلِهِ: {خَالِدِينَ فِيهَا} [هود: 107] لَابِثِينَ فِيهَا، وَيَعِني بِقَوْلِهِ: {مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ} أَبَدًا؛ وَذَلِكَ أَنَّ الْعَرَبَ إِذَا أَرَادَتْ أَنْ تَصِفَ الشَّيْءَ بِالدَّوَامِ أَبَدًا، قَالَتْ: هَذَا دَائِمٌ دَوَامُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ؛ بِمَعْنَى أَنَّهُ دَائِمٌ أَبَدًا، وَكَذَلِكَ يَقُولُونَ: هُوَ بَاقٍ مَا اخْتَلَفَ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ، وَمَا سَمَرَ لَنَا سَمِيرٌ، وَمَا لَأْلَأَتِ الْعُفْرُ بِأَذْنَابِهَا يَعْنُونَ بِذَلِكَ كُلِّهِ أَبَدًا. فَخَاطَبَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ بِمَا يَتَعَارَفُونَ بِهِ بَيْنَهُمْ، فَقَالَ: {خَالِدِينَ فِيهَا مَا دَامَتِ السَّمَوَاتُ -[579]- وَالْأَرْضُ} وَالْمَعْنَى فِي ذَلِكَ: خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا. وَكَانَ ابْنُ زَيْدٍ يَقُولُ فِي ذَلِكَ بِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِيهِ