حَدَّثَنِي بِهِ يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِهِ: " {حِجَارَةً مِنْ سِجِّيلٍ} [هود: 82] قَالَ: السَّمَاءُ الدُّنْيَا، قَالَ: وَالسَّمَاءُ الدُّنْيَا اسْمُهَا سِجِّيلٌ، وَهِيَ الَّتِي أَنْزَلَ اللَّهُ عَلَى قَوْمِ لُوطٍ " وَكَانَ بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ بِكَلَامِ الْعَرَبِ مِنَ الْبَصْرِيِّينَ يَقُولُ: السِّجِّيلُ: هُوَ مِنَ الْحِجَارَةِ الصُّلْبِ الشَّدِيدِ وَمِنَ الضَّرْبِ، وَيَسْتَشْهِدُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ:
[البحر البسيط]
ضَرْبًا تَوَاصَى بِهِ الْأَبْطَالُ سِجِّيلًا
وَقَالَ بَعْضُهُمْ: تَحَوَّلَ اللَّامُ نُونًا. -[528]- وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: هُوَ فَعِيلٌ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: أَسْجَلْتُهُ: أَرْسَلْتُهُ، فَكَأَنَّهُ مِنْ ذَلِكَ؛ أَيْ مُرْسَلَةً عَلَيْهِمْ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: بَلْ هُوَ مِنْ «سَجَّلْتُ لَهُ سَجْلًا» مِنَ الْعَطَاءِ، فَكَأَنَّهُ قِيلَ: مُنِحُوا ذَلِكَ الْبَلَاءُ فَأُعْطُوهُ، وَقَالُوا أَسْجَلَهُ: أَهْمَلَهُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: هُوَ مِنَ السِّجِّيلِ، لِأَنَّهُ كَانَ فِيهَا عِلْمٌ كَالْكِتَابِ. وَقَالَ آخَرُ مِنْهُمْ: بَلْ هُوَ طِينٌ يُطْبَخُ كَمَا يُطْبَخُ الْآجُرُّ، وَيُنْشَدُ بَيْتُ الْفَضْلِ بْنِ عَبَّاسٍ:
[البحر الرمل]
مَنْ يُسَاجِلْنِي يُسَاجِلْ مَاجِدًا ... يَمْلَأُ الدَّلْوَ إِلَى عَقْدِ الْكَرَبْ
فَهَذَا مِنْ سَجَلْتُ لَهُ سَجْلًا: أَعْطَيْتُهُ. وَالصَّوَابُ مِنَ الْقَوْلِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا مَا قَالَهُ الْمُفَسِّرُونَ، وَهُوَ أَنَّهَا مِنْ طِينٍ، وَبِذَلِكَ وَصَفَهَا اللَّهُ فِي كِتَابِهِ فِي مَوْضِعٍ، وَذَلِكَ قَوْلُهُ: {لِنُرْسِلَ عَلَيْهِمْ حِجَارَةً مِنْ طِينٍ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ لِلْمُسْرِفِينَ} [الذاريات: 34] وَقَدْ رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ: هِيَ فَارِسِيَّةٌ وَنَبَطِيَّةٌ