حَدَّثَنَا ابْنُ وَكِيعٍ، قَالَ: ثَنَا أَبِي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ، فِي قَوْلِهِ: " {وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى} [هود: 17] قَالَ: «مِنْ قَبْلِهِ جَاءَ بِالْكِتَابِ إِلَى مُوسَى» وَفِي الْكَلَامِ مَحْذُوفٌ قَدْ تُرِكَ ذِكْرُهُ اكْتِفَاءً بِدَلَالَةِ مَا ذُكِرَ عَلَيْهِ مِنْهُ، وَهُوَ: {أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ وَيَتْلُوهُ شَاهِدٌ مِنْهُ وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً} [هود: 17] كَمَنْ هُوَ فِي الضَّلَالَةِ مُتَرَدِّدٌ، لَا يَهْتَدِي لِرُشْدٍ، وَلَا يَعْرِفُ حَقًّا مِنْ بَاطِلٍ، وَلَا يَطْلُبُ بِعَمَلِهِ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا؟ وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [الزمر: 9] وَالدَّلِيلُ عَلَى حَقِيقَةِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ أَنَّ ذَلِكَ عَقِيبُ قَوْلِهِ: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا} [هود: 15] الْآيَةَ، ثُمَّ قِيلَ: أَهَذَا خَيْرٌ أَمَّنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ؟ وَالْعَرَبُ تَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا إِذَا كَانَ فِيمَا ذَكَرَتْ دَلَالَةٌ عَلَى مُرَادِهَا عَلَى مَا حَذَفَتْ، وَذَلِكَ كَقَوْلِ الشَّاعِرِ:

[البحر الطويل]

فَأُقْسِمُ لَوْ شَيْءٌ أَتَانَا رَسُولُهُ ... سِوَاكِ وَلَكِنْ لَمْ نَجِدْ لَكِ مَدْفَعَا

وَقَوْلُهُ: {أُولَئِكَ يُؤْمِنُونَ بِهِ} [البقرة: 121] يَقُولُ: هَؤُلَاءِ الَّذِينَ ذَكَرْتُ يُصَدِّقُونَ وَيُقِرُّونَ بِهِ إِنْ كَفَرَ بِهِ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكُونَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: إِنَّ مُحَمَّدًا افْتَرَاهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015