الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنْتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ} [يونس: 99] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرهُ لِنَبِيِّهِ: {وَلَوْ شَاءَ} [البقرة: 20] يَا مُحَمَّدُ {رَبَّكَ لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا} [يونس: 99] بِكَ، فَصَدَّقوكَ أَنَّكَ لِي رَسُولٌ وَأَنَّ مَا جِئْتَهُمْ بِهِ وَمَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مِنْ تَوْحِيدِ اللَّهِ، وَإِخْلَاصِ الْعُبُودَةِ لَهُ حَقٌّ، وَلَكِنْ لَا يَشَاءُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ سَبَقَ مِنْ قَضَاءِ اللَّهِ قَبْلَ أَنْ يَبْعَثَكَ رَسُولًا أَنَّهُ لَا يُؤْمِنُ بِكَ وَلَا يَتَّبِعُكَ فَيُصَدِّقُوكَ بِمَا بَعَثَكَ اللَّهُ بِهِ مِنَ الْهُدَى وَالنُّورِ إِلَّا مَنْ سَبَقَتْ لَهُ السَّعَادَةُ فِي الْكِتَابِ الْأَوَّلِ قَبْلَ أَنْ يَخْلُقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَمَا فِيهِنَّ، وَهَؤُلَاءِ الَّذِينَ عَجِبُوا مِنْ صِدْقِ إِيحَائِنَا إِلَيْكَ هَذَا الْقُرْآنَ لِتُنْذِرَ بِهِ مَنْ أَمَرْتُكَ بِإِنْذَارِهِ مِمَّنْ قَدْ سَبَقَ لَهُ عِنْدِي أَنَّهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ بِكَ فِي الْكِتَابِ السَّابِقِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ.