الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ} [يونس: 57] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِخَلْقِهِ: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ} [يونس: 57] يَعْنِي ذِكْرَى تُذَكِّرُكُمْ عِقَابَ اللَّهِ وَتُخَوِّفُكُمْ وَعِيدَهُ مِنْ رَبِّكُمْ. يَقُولُ: مِنْ عِنْدِ رَبِّكُمْ لَمْ يَخْتَلِقْهَا مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَفْتَعِلْهَا أَحَدٌ، فَتَقُولُوا: لَا نَأْمَنُ أَنْ تَكُونَ لَا صِحَّةَ لَهَا. وَإِنَّمَا يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ الْقُرْآنَ، وَهُوَ الْمَوْعِظَةُ مِنَ اللَّهِ. وَقَوْلُهُ: {وَشِفَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ} [يونس: 57] يَقُولُ: وَدَوَاءً لِمَا فِي الصُّدُورِ مِنَ الْجَهْلِ، يَشْفِي بِهِ اللَّهُ جَهْلَ الْجُهَّالِ، فَيُبْرِئُ بِهِ دَاءَهُمْ وَيَهْدِي بِهِ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ أَرَادَ هِدَايَتَهُ بِهِ. {وَهُدًى} [البقرة: 97] يَقُولُ: وَهُوَ بَيَانٌ لِحَلَالِ اللَّهِ وَحَرَامِهِ، وَدَلِيلٌ عَلَى طَاعَتِهِ