مَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَتَخَرَّصَهُ أَحَدٌ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ، وَذَلِكَ نَظِيرُ قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يُغَلَّ} [آل عمران: 161] بِمَعْنَى: مَا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّهُ أَصْحَابُهُ. وَإِنَّمَا هَذَا خَبَرٌ مِنَ اللَّهِ جَلَّ ثَنَاؤُهُ أَنَّ هَذَا الْقُرْآنَ مِنْ عِنْدِهِ أَنْزَلَهُ إِلَى مُحَمَّدٍ عَبْدِهِ، وَتَكْذِيبًا مِنْهُ لِلْمُشْرِكِينَ الَّذِينَ قَالُوا: هُوَ شِعْرٌ وَكَهَانَةٌ. وَالَّذِينَ قَالُوا: إِنَّمَا يَتَعَلَّمُهُ مُحَمَّدٌ مِنْ يَعِيشَ الرُّومِيِّ. يَقُولُ لَهُمْ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: مَا كَانَ هَذَا الْقُرْآنُ لِيَخْتَلِقَهُ أَحَدٌ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ أَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ. {وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ} [يونس: 37] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَلَكِنَّهُ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ أَنْزَلَهُ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ؛ أَيْ لِمَا قَبْلَهُ مِنَ الْكُتُبِ الَّتِي أُنْزِلَتْ عَلَى أَنْبِيَاءِ اللَّهِ كَالتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ كُتُبِ اللَّهِ الَّتِي أَنْزَلَهَا عَلَى أَنْبِيَائِهِ {وَتَفْصِيلَ الْكِتَابِ} [يونس: 37] يَقُولُ: وَتِبْيَانَ الْكِتَابِ الَّذِي كَتَبَهُ اللَّهُ عَلَى أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ، وَفَرَائِضَهُ الَّتِي فَرَضَهَا عَلَيْهِمْ فِي السَّابِقِ مِنْ عِلْمِهِ. {لَا رَيْبَ فِيهِ} [البقرة: 2] يَقُولُ: لَا شَكَّ فِيهِ أَنَّهُ تَصْدِيقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ، وَتَفْصِيلُ الْكِتَابِ مِنْ عِنْدِ رَبِّ الْعَالَمِينَ، لَا افْتِرَاءٌ مِنْ عِنْدِ غَيْرِهِ وَلَا اخْتِلَاقٌ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015