لِأَنَّ بِالْأَهِلَّةِ يُعْرَفُ انْقِضَاءُ الشُّهُورِ وَالسِّنِينَ لَا بِالشَّمْسِ. وَالْآخَرُ: أَنْ يَكُونَ اكْتَفَى بِذِكْرِ أَحَدُهُمَا عَنِ الْآخَرِ، كَمَا قَالَ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ: {وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ} [التوبة: 62] وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
رَمَانِي بِأَمْرٍ كُنْتُ مِنْهُ وَوَالِدِي ... بَرِيًّا وَمَنْ جُولِ الطَّوَيِّ رَمَانِي
, وَقَوْلُهُ: {لِتَعْلَمُوا عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ} [يونس: 5] يَقُولُ: وَقَدَّرَ ذَلِكَ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُوا أَنْتُمْ أَيُّهَا النَّاسُ عَدَدَ السِّنِينَ: دُخُولَ مَا يَدْخُلُ مِنْهَا، وَانْقِضَاءَ مَا يُسْتَقْبَلُ مِنْهَا وَحِسَابَهَا، يَقُولُ: وَحِسَابَ أَوْقَاتِ السِّنِينَ وَعَدَدَ أَيَّامِهَا وَحِسَابَ سَاعَاتِ أَيَّامِهَا , {مَا خَلَقَ اللَّهُ ذَلِكَ إِلَّا بِالْحَقِّ} [يونس: 5] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: لَمْ يَخْلُقِ اللَّهُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَمَنَازِلَهُمَا إِلَّا بِالْحَقِّ، يَقُولُ الْحَقُّ تَعَالَى ذِكْرُهُ: خَلَقْتُ ذَلِكَ كُلَّهُ بِحَقٍّ وَحْدِي بِغَيْرِ عَوْنٍ وَلَا شَرِيكٍ. {يُفَصِّلُ الْآيَاتِ} [يونس: 5] يَقُولُ: يُبَيِّنُ الْحُجَجَ وَالْأَدِلَّةَ {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} [البقرة: 230] إِذَا تَدَبَّرُوهَا، حَقِيقَةَ وَحْدَانِيَّةَ اللَّهِ، وَصِحَّةَ مَا يَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ مُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ خَلْعِ الْأَنْدَادَ وَالْبَرَاءَةَ مِنَ الْأَوْثَانِ