قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا هِشَامٌ، عَنْ عَمْرٍو، عَنْ سَعِيدٍ، عَنْ قَتَادَةَ، " {تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ} [يونس: 1] قَالَ: الْكُتُبُ الَّتِي كَانَتْ قَبْلَ الْقُرْآنِ " وَقَالَ آخَرُونَ: مَعْنَى ذَلِكَ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ تَأْوِيلُ مَنْ تَأَوَّلَهُ: هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ، وَوَجْهُ -[106]- مَعْنَى «تِلْكَ» إِلَى مَعْنَى «هَذِهِ» ، وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ تَوْجِيهِ تِلْكَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. وَالْآيَاتُ الْأَعْلَامُ، وَالْكِتَابُ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ الْقُرْآنِ، وَقَدْ بَيَّنَّا كُلَّ ذَلِكَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ وَإِنَّمَا قُلْنَا هَذَا التَّأْوِيلَ أَوْلَى فِي ذَلِكَ بِالصَّوَابِ، لِأَنَّهُ لَمْ يَجِئْ لِلتَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ قَبْلُ ذِكْرٌ وَلَا تِلَاوَةٌ بَعْدَهُ فَيُوَجَّهُ إِلَيْهِ الْخَبَرَ، فَإِذَا كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَتَأْوِيلُ الْكَلَامِ: وَالرَّحْمَنُ هَذِهِ آيَاتُ الْقُرْآنِ الْحَكِيمِ. وَمَعْنَى " {الْحَكِيمِ} [يونس: 1] " فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: «الْمُحْكَمُ» صَرَفَ مُفْعِلٍ إِلَى فَعِيلٍ، كَمَا قِيلَ عَذَابٌ أَلِيمٌ، بِمَعْنَى مُؤْلِمٌ، وَكَمَا قَالَ الشَّاعِرُ: أَمِنْ رَيْحَانَةَ الدَّاعِي السَّمِيعُ وَقَدْ بَيَّنَّا ذَلِكَ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِنَ الْكِتَابِ فَمَعْنَاهُ إِذًا: تِلْكَ آيَاتُ الْكِتَابِ الْمُحْكَمِ الَّذِي أَحْكَمَهُ اللَّهُ وَبَيَّنَهُ لِعِبَادِهِ، كَمَا قَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: {الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِلَتْ مِنْ لَدُنٌ حَكِيمٌ خَبِيرٌ} [هود: 1]