حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثَنَا إِسْحَاقُ، قَالَ: ثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مَغْرَاءَ، عَنْ -[44]- عَبْدِ الْحَمِيدِ، عَنْ شَهْرٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَدَّادٍ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " الْأَوَّاهُ: الْخَاشِعُ الْمُتَضَرِّعُ " وَأَوْلَى الْأَقْوَالِ فِي ذَلِكَ عِنْدِي بِالصَّوَابِ الْقَوْلُ الَّذِي قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَسْعُودٍ الَّذِي رَوَاهُ عَنْهُ زِرٌّ أَنَّهُ الدُّعَاءُ وَإِنَّمَا قُلْنَا ذَلِكَ أَوْلَى بِالصَّوَابِ، لِأَنَّ اللَّهَ ذَكَرَ ذَلِكَ وَوَصَفَ بِهِ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ بَعْدَ وَصْفِهِ إِيَّاهُ بِالدُّعَاءِ وَالِاسْتِغْفَارِ لِأَبِيهِ، فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114] وَتَرَكَ الدُّعَاءَ وَالِاسْتِغْفَارَ لَهُ، ثُمَّ قَالَ: إِبْرَاهِيمَ لَدَعَّاءٌ رَبَّهُ شَاكٍ لَهُ حَلِيمٌ عَمَّنْ سَبَّهُ وَنَالَهُ بِالْمَكْرُوهٍ؛ وَذَلِكَ أَنَّهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَعَدَ أَبَاهُ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ، وَدُعَاءِ اللَّهِ لَهُ بِالْمَغْفِرَةِ عِنْدَ وَعِيدِ أَبِيهِ إِيَّاهُ، وَتَهَدُّدِهِ لَهُ بِالشَّتْمِ بَعْدَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ نَصِيحَتَهُ فِي اللَّهِ، وَقَوْلُهُ: {أَرَاغِبٌ أَنْتَ عَنْ آلِهَتِي يَا إِبْرَاهِيمُ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهِ لَأَرْجُمَنَّكَ وَاهْجُرْنِي مَلِيًّا} [مريم: 46] فَقَالَ لَهُ صَلَوَاتُ اللَّهِ عَلَيْهِ: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا وَأَعْتَزِلُكُمْ وَمَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَأَدْعُو رَبِّي عَسَى أَلَّا أَكُونَ بِدُعَاءِ رَبِّي شَقِيًّا} [مريم: 48] فَوَفَّى لِأَبِيهِ بِالِاسْتِغْفَارِ لَهُ حَتَّى تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ، فَوَصَفَهُ اللَّهُ بِأَنَّهُ دَعَّاءٌ لِرَبِهِ حَلِيمٌ عَمَّنْ سَفِهَ عَلَيْهِ. وَأَصْلُهُ مِنَ التَّأَوُّهِ وَهُوَ التَّضَرُّعُ وَالْمَسْأَلَةُ بِالْحُزْنِ وَالْإِشْفَاقِ، كَمَا رَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَدَّادٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَكَمَا رَوَى عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ الْخَبَرَ الَّذِي:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015