حَدَّثَنَا بِشْرٌ، قَالَ: ثَنَا يَزِيدُ، قَالَ: ثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قَوْلُهُ: " {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] . . الْآيَةَ، ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ، إِنَّ مِنْ آبَائِنَا مَنْ كَانَ يُحْسِنُ الْجِوَارَ وَيَصِلُ الْأَرْحَامَ، وَيَفُكُّ الْعَانِيَ وَيُوفِي بِالذِّمَمِ، أَفَلَا نَسْتَغْفِرُ لَهُمْ؟ قَالَ: فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «بَلَى وَاللَّهِ لَأَسْتَغْفِرَنَّ لِأَبِي كَمَا اسْتَغْفَرَ إِبْرَاهِيمُ لِأَبِيهِ» قَالَ: فَأَنْزَلَ اللَّهُ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113] . . حَتَّى بَلَغَ: {الْجَحِيمِ} [التوبة: 113] ثُمَّ عَذَرَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ} [التوبة: 114] . قَالَ: وَذُكِرَ لَنَا أَنَّ نَبِيَّ اللَّهِ قَالَ: «أُوحِيَ إِلَيَّ كَلِمَاتٍ، فَدَخَلْنَ فِي أُذُنِي وَوَقَرْنَ فِي قَلْبِي، أُمِرْتُ أَنْ لَا أَسْتَغْفِرَ لِمَنْ مَاتَ مُشْرِكًا، وَمَنْ أَعْطَى فَضْلَ مَالِهِ فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ، وَمَنْ أَمْسَكَ فَهُوَ شَرٌّ لَهُ، وَلَا يَلُومُ اللَّهُ عَلَى كَفَافٍ» وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ: {مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ} [التوبة: 113]-[25]- فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: مَعْنَى ذَلِكَ: مَا كَانَ لَهُمُ الِاسْتِغْفَارُ، وَكَذَلِكَ مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تُؤْمِنَ} [يونس: 100] وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ الْإِيمَانُ {إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ} [يونس: 100] وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفَةِ: مَعْنَاهُ: مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُمْ أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لَهُمْ. قَالَ: وَكَذَلِكَ إِذَا جَاءَتْ «أَنْ» مَعَ «كَانَ» ، فَكُلُّهَا بِتَأْوِيلِ «يَنْبَغِي» {مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ} [آل عمران: 161] مَا كَانَ يَنْبَغِي لَهُ لَيْسَ هَذَا مِنْ أَخْلَاقِهِ، قَالَ: فَلِذَلِكَ إِذَا دَخَلَتْ «أَنْ» تَدُلُّ عَلَى الِاسْتِقْبَالِ، لِأَنَّ «يَنْبَغِي» تَطْلُبُ الِاسْتِقْبَالَ وَأَمَّا قَوْلُهُ: {وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلَّا عَنْ مَوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ} [التوبة: 114] فَإِنَّ أَهْلَ الْعِلْمِ اخْتَلَفُوا فِي السَّبَبِ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أُنْزِلَ مِنْ أَجْلِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ كَانُوا يَسْتَغْفِرُونَ لِمَوْتَاهُمُ الْمُشْرِكِينَ ظَنًّا مِنْهُمْ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلَ الرَّحْمَنِ قَدْ فَعَلَ ذَلِكَ حِينَ أَنْزَلَ اللَّهُ قَوْلَهُ خَبَرًا عَنْ إِبْرَاهِيمَ، قَالَ: {سَلَامٌ عَلَيْكَ سَأَسْتَغْفِرُ لَكَ رَبِّي إِنَّهُ كَانَ بِي حَفِيًّا} [مريم: 47] وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ عَنْ بَعْضِ مَنْ حَضَرَنَا ذِكْرُهُ، وَسَنَذْكُرُهُ عَمَّنْ لَمْ نَذْكُرْهُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015