الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَآخَرُونَ مُرْجَوْنَ لِأَمْرِ اللَّهِ إِمَّا يُعَذِّبُهُمْ وَإِمَّا يَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} [التوبة: 106] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَمِنْ هَؤُلَاءِ الْمُتَخَلِّفِينَ عَنْكُمْ حِينَ شَخَصْتُمْ لِعَدُوِّكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ آخَرُونَ. وَرَفَعَ قَوْلَهُ آخَرُونَ عَطْفًا عَلَى قَوْلِهِ: {وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلًا صَالِحًا وَآخَرَ سَيِّئًا} [التوبة: 102] . {وَآخَرُونَ مُرْجَونَ} [التوبة: 106] يَعْنِي مُرْجَئُونَ لِأَمْرِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ، يُقَالُ مِنْهُ أَرْجَأْتُهُ أَرْجِئْهُ إِرْجَاءً وَهُو مُرْجَأٌ بِالْهَمْزِ وَتَرْكُ الْهَمِزِ، وَهُمَا لُغَتَانِ مَعْنَاهُمَا وَاحِدٌ، وَقَدْ قَرَأَتِ الْقُرَّاءُ بِهِمَا جَمِيعًا. وَقِيلَ: عَنِيَ بِهَؤُلَاءِ الْآخَرِينَ نَفَرًا مِمَّنْ كَانَ تَخَلَّفَ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، فَنَدِمُوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَلَمْ يَعْتَذِرُوا إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ مَقْدِمِهِ، وَلَمْ يُوثِقُوا أَنْفُسَهُمْ بِالسَّوَارِي، فَأَرْجَأَ اللَّهُ أَمَرَهُمْ إِلَى أَنْ صَحَّتْ تَوْبَتُهُمْ، فَتَابَ عَلَيْهِمْ