حَدَّثَنِي يُونُسُ، قَالَ: أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: قَالَ ابْنُ زَيْدٍ فِي قَوْلِ اللَّهِ: " {وَمِنَ الْأَعْرَابِ مَنْ يَتَّخِذُ مَا يُنْفِقُ مَغْرَمًا وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ} [التوبة: 98] قَالَ: هَؤُلَاءِ الْمُنَافِقُونَ -[634]- مِنَ الْأَعْرَابِ الَّذِينَ إِنَّمَا يُنْفِقُونَ رِيَاءً اتِّقَاءَ أَنْ يُغْزَوْا، أَوْ يُحَارَبُوا، أَوْ يُقَاتَلُوا، وَيَرَوْنَ نَفَقَتَهُمْ مَغْرَمًا، أَلَا تَرَاهُ يَقُولُ: {وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ الدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98] " وَاخْتَلَفَتِ الْقُرَّاءُ فِي قِرَاءَةِ ذَلِكَ، فَقَرَأَ عَامَّةُ أَهْلِ الْمَدِينَةِ وَالْكُوفَةِ: " {عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السَّوْءِ} [التوبة: 98] " بِفَتْحِ السِّينِ، بِمَعْنَى النَّعْتِ لِلدَّائِرَةِ، وَإِنْ كَانَتِ الدَّائِرَةُ مُضَافَةً إِلَيْهِ، كَقَولِهِمْ: هُوَ رَجُلُ السَّوْءِ، وَامْرُؤُ الصِّدْقِ، كَأَنَّهُ إِذَا فُتِحَ مَصْدَرٌ مِنْ قَوْلِهِمْ: سُؤْتُهُ أَسُوءُهُ سَوْءًا وَمَسَاءَةً وَمَسَائِيَّةً. وَقَرَأَ ذَلِكَ بَعْضُ أَهْلِ الْحِجَازِ وَبَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوءِ» بِضَمِّ السِّينِ كَأَنَّهُ جَعَلَهُ اسْمًا، كَمَا يُقَالُ عَلَيْهِ دَائِرَةُ الْبَلَاءِ وَالْعَذَابِ. وَمَنْ قَالَ: «عَلَيْهِمْ دَائِرَةُ السُّوءِ» فَضَمَّ، لَمْ يَقُلْ هَذَا رَجُلُ السُّوءِ بِالضَّمِ، وَالرَّجُلُ السُّوءُ، وَقَالَ الشَّاعِرُ:
[البحر الطويل]
وَكُنْتَ كَذِئْبِ السَّوْءِ لَمَّا رَأَى دَمًا ... بِصَاحِبِهِ يَوْمًا أَحَالَ عَلَى الدَّمِ
وَالصَّوَابُ مِنَ الْقِرَاءَةِ فِي ذَلِكَ عِنْدَنَا بِفَتْحِ السِّينِ، بِمَعْنَى: عَلَيْهِمُ الدَّائِرَةُ الَّتِي تَسُوءُهُمْ سُوءًا كَمَا يُقَالُ هُوَ رَجُلٌ صِدْقٌ عَلَى وَجْهِ النَّعْتِ