الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ} [التوبة: 80] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِنَبِيِّهِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ادْعُ اللَّهَ لِهَؤُلَاءِ الْمُنَافِقِينَ الَّذِينَ وَصَفَ صِفَاتِهِمْ فِي هَذِهِ الْآيَاتِ بِالْمَغْفِرَةِ، أَوْ لَا تَدْعُ لَهُمْ بِهَا. وَهَذَا كَلَامٌ خَرَجَ مَخْرَجَ الْأَمْرِ، وَتَأْوِيلُهُ الْخَبَرُ، وَمَعْنَاهُ: إِنِ اسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ يَا مُحَمَّدُ أَوْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ، فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ. وَقَوْلُهُ: {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ} [التوبة: 80] يَقُولُ: إِنْ تَسْأَلْ لَهُمْ أَنْ تَسْتُرَ عَلَيْهِمْ ذُنُوبَهُمْ بِالْعَفْوِ مِنْهُ لَهُمْ عَنْهَا وَتَرْكِ فَضِيحَتِهِمْ بِهَا، فَلَنْ يَسْتُرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ، وَلَنْ يَعْفُوَ لَهُمْ عَنْهَا، وَلَكِنَّهُ يَفْضَحُهُمْ بِهَا عَلَى رُءُوسِ الْأَشْهَادِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ. {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} [التوبة: 80] يَقُولُ جَلَّ ثَنَاؤُهُ. هَذَا الْفِعْلُ مِنَ اللَّهِ بِهِمْ، وَهُوَ تَرْكُ عَفْوِهِ لَهُمْ عَنْ ذُنُوبِهِمْ، مِنْ أَجْلِ أَنَّهُمْ جَحَدُوا تَوْحِيدَ