تَعَاوَنُوا وَتَنَاصَرُوا فِي الدِّينِ، تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ " قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِتَأْوِيلِ قَوْلِهِ: {وَالَّذِينَ كَفَرُوا بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ} [الأنفال: 73] قَوْلُ مَنْ قَالَ: مَعْنَاهُ أَنَّ بَعْضَهُمْ أَنْصَارُ بَعْضٍ دُونَ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَنَّهُ دَلَالَةٌ عَلَى تَحْرِيمِ اللَّهِ عَلَى الْمُؤْمِنِ الْمُقَامَ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَتَرْكَ الْهِجْرَةِ؛ لِأَنَّ الْمَعْرُوفَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ مِنْ مَعْنَى الْوَلِيِّ أَنَّهُ النَّصِيرُ وَالْمُعِينُ أَوِ ابْنُ الْعَمِّ وَالنَّسِيبُ. فَأَمَّا الْوَارِثُ فَغَيْرُ مَعْرُوفٍ ذَلِكَ مِنْ مَعَانِيهِ إِلَّا بِمَعْنَى أَنَّهُ يَلِيهِ فِي الْقِيَامِ بِإِرْثِهِ مِنْ بَعْدِهِ، وَذَلِكَ مَعْنًى بَعِيدٌ وَإِنْ كَانَ قَدْ يَحْتَمِلُهُ الْكَلَامُ. وَتَوْجِيهُ مَعْنَى كَلَامِ اللَّهِ إِلَى الْأَظْهَرِ الْأَشْهَرِ، أَوْلَى مِنْ تَوْجِيهِهِ إِلَى خِلَافِ ذَلِكَ. وَإِذْ كَانَ ذَلِكَ كَذَلِكَ، فَبَيِّنٌ أَنَّ أَوْلَى التَّأْوِيلَيْنِ بِقَوْلِهِ: {إِلَّا تَفْعَلُوهُ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ وَفَسَادٌ كَبِيرٌ} [الأنفال: 73] تَأْوِيلُ مَنْ قَالَ: إِلَّا تَفْعَلُوا مَا أَمَرْتُكُمْ بِهِ مِنَ التَّعَاوُنِ وَالنُّصْرَةِ عَلَى الدِّينِ تَكُنْ فِتْنَةٌ فِي الْأَرْضِ؛ إِذْ كَانَ مُبْتَدَأُ الْآيَةِ مِنْ قَوْلِهِ: {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [الأنفال: 72] بِالْحَثِّ عَلَى الْمُوَالَاةِ عَلَى الدِّينِ وَالتَّنَاصُرِ جَاءَ، وَكَذَلِكَ الْوَاجِبُ أَنْ يَكُونَ خَاتِمَتُهَا بِهِ