وَقَوْلُهُ: {حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ} [الأنفال: 67] يَقُولُ: حَتَّى يُبَالِغُ فِي قَتْلِ الْمُشْرِكِينَ فِيهَا، وَيَقْهَرَهُمْ غَلَبَةً وَقَسْرًا، يُقَالُ مِنْهُ: أَثْخَنَ فُلَانٌ فِي هَذَا الْأَمْرِ إِذَا بَالِغَ فِيهِ، وَحُكِي أَثْخَنْتُهُ مَعْرِفَةً، بِمَعْنَى: قَتَلْتُهُ مَعْرِفَةً. {تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا} [الأنفال: 67] يَقُولُ لِلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: تُرِيدُونَ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا بِأَسْرِكُمُ الْمُشْرِكِينَ، وَهُوَ مَا عُرِضَ لِلْمَرْءِ مِنْهَا مِنْ مَالٍ وَمَتَاعٍ، يَقُولُ: تُرِيدُونَ بِأَخْذِكُمُ الْفِدَاءَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ مَتَاعَ الدُّنْيَا وَطُعْمَهَا. {وَاللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ} [الأنفال: 67] يَقُولُ: وَاللَّهُ يُرِيدُ لَكُمْ زِينَةَ الْآخِرَةِ، وَمَا أَعَدَّ لِلْمُؤْمِنِينَ وَأَهْلِ وِلَايَتِهِ فِي جَنَّاتِهِ بِقَتْلِكُمْ إِيَّاهُمْ وَإِثْخَانِكُمْ فِي الْأَرْضِ، يَقُولُ لَهُمْ: وَاطْلُبُوا مَا يُرِيدُ اللَّهُ لَكُمْ وَلَهُ اعْمَلُوا لَا مَا تَدْعُوكُمْ إِلَيْهِ أَهْوَاءُ أَنْفُسِكُمْ مِنَ الرَّغْبَةِ فِي الدُّنْيَا وَأَسْبَابِهَا. {وَاللَّهُ عَزِيزٌ} [البقرة: 228] يَقُولُ: إِنْ أَنْتُمْ أَرَدْتُمُ الْآخِرَةَ لَمْ يَغْلِبْكُمْ عَدُوٌّ لَكُمْ؛ لِأَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ لَا يُقْهَرُ وَلَا يُغْلَبُ، وَإِنَّهُ {حَكِيمٌ} [البقرة: 209] فِي تَدْبِيرِهِ أَمْرَ خَلْقِهِ. وَبِنَحْوِ الَّذِي قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ