الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ} [الأنفال: 46] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ: أَطِيعُوا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ رَبَّكُمْ وَرَسُولَهُ فِيمَا أَمَرَكُمْ بِهِ وَنَهَاكُمْ عَنْهُ، وَلَا تُخَالِفُوهُمَا فِي شَيْءٍ. {وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا} [الأنفال: 46] يَقُولُ: وَلَا تَخْتَلِفُوا فَتُفَرَّقُوا وَتَخْتَلِفَ قُلُوبُكُمْ فَتَفْشَلُوا، يَقُولُ: فَتَضْعُفُوا وَتَجْبُنُوا {وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ} [الأنفال: 46] وَهَذَا مَثَلٌ يُقَالُ لِلرَّجُلِ إِذَا كَانَ مُقْبِلًا عَلَيْهِ مَا يُحِبُّهُ وَيُسَرُّ بِهِ: الرِّيحُ مُقْبِلَةٌ عَلَيْهِ، يَعْنِي بِذَلِكَ مَا يُحِبُّهُ، وَمَنْ ذَلِكَ قَوْلُ عَبِيدِ بْنِ الْأَبْرَصِ:
[البحر البسيط]
كَمَا حَمَيْنَاكَ يَوْمَ النَّعْفِ مِنْ شَطِبٍ ... وَالْفَضْلُ لِلْقَوْمِ مِنْ رِيحٍ وَمِنْ عَدَدِ
يَعْنِي مِنَ الْبَأْسِ وَالْكَثْرَةِ. وَإِنَّمَا يُرَادُ بِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ: وَتَذْهَبَ قُوَّتُكُمْ وَبَأْسُكُمْ فَتَضْعُفُوا، وَيُدْخِلَكُمُ الْوَهَنُ وَالْخَلَلُ. {وَاصْبِرُوا} [الأعراف: 128] يَقُولُ: اصْبِرُوا مَعَ نَبِيِّ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عِنْدَ لِقَاءِ عَدُوِّكُمْ، وَلَا