حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: ثنا سَلَمَةُ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: " ثُمَّ ذَكَرَ غَيْرَةَ قُرَيْشٍ وَاسْتِفْتَاحَهُمْ عَلَى أَنْفُسِهِمْ؛ إِذْ قَالُوا: {اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عندِكَ} [الأنفال: 32] أَيْ: مَا جَاءَ بِهِ مُحَمَّدٌ {فَأَمْطِرْ عَلَيْنَا حِجَارَةً مِنَ السَّمَاءِ} [الأنفال: 32] كَمَا أَمْطَرْتَهَا عَلَى قَوْمِ لُوطٍ {أَوِ ائْتِنَا بِعَذَابٍ أَلِيمٍ} [الأنفال: 32] أَيْ: بِبَعْضِ مَا عُذِّبَتْ بِهِ الْأُمَمُ قَبْلَنَا «وَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي وَجْهِ دُخُولِ» هُوَ «فِي الْكَلَامِ. فَقَالَ بَعْضُ الْبَصْرِيِّينَ نَصَبَ» الْحَقَّ «؛ لِأَنَّ» هُوَ «وَاللَّهُ أَعْلَمُ حُوِّلَتْ زَائِدَةً فِي الْكَلَامِ صِلَةَ تَوْكِيدٍ كَزِيَادَةِ» مَا "، وَلَا تُزَادُ إِلَّا فِي كُلِّ فِعْلٍ لَا يَسْتَغْنِي عَنْ خَبَرٍ، وَلَيْسَ هُوَ بِصِفَةٍ لِهَذَا؛ لِأَنَّكَ لَوْ قُلْتَ: «رَأَيْتُ هَذَا هُوَ» لَمْ يَكُنْ كَلَامًا، وَلَا تَكُونُ هَذِهِ الْمُضَمَرَةُ مِنْ صِفَةِ الظَّاهِرَةِ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ مِنْ صِفَةِ الْمُضَمَرَةِ، نَحْوُ قَوْلِهِ: {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] {تَجِدُوهُ عندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] لِأَنَّكَ تَقُولُ: «وَجَدْتُهُ هُوَ وَإِيَّايَ» فَتَكُونُ «هُوَ» صِفَةٌ. وَقَدْ تَكُونُ فِي هَذَا الْمَعْنَى أَيْضًا غَيْرَ صِفَةٍ، وَلَكِنَّهَا تَكُونُ زَائِدَةً كَمَا كَانَ فِي الْأَوَّلِ. وَقَدْ تَجْرِي فِي جَمِيعِ هَذَا مَجْرَى الِاسْمِ، فَيُرْفَعُ مَا بَعْدَهَا إِنْ كَانَ بَعْدَهَا ظَاهِرًا أَوْ -[147]- مُضْمَرًا فِي لُغَةِ بَنِي تَمِيمٍ، يَقُولُونَ فِي قَوْلِهِ: {إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عندِكَ} [الأنفال: 32] {وَلَكِنْ كَانُوا هُمُ الظَّالِمِينَ} [الزخرف: 76] وَ {تَجِدُوهُ عندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا} [المزمل: 20] كَمَا تَقُولُ: كَانُوا آبَاؤُهُمُ الظَّالِمُونَ، جَعَلُوا هَذَا الْمُضَمَرَ نَحْوُ «هُوَ» وَ «هُمَا» وَ «أَنْتَ» زَائِدًا فِي هَذَا الْمَكَانِ. وَلَمْ تُجْعَلْ مَوَاضِعَ الصِّفَةِ؛ لِأَنَّهُ فَصَلَ أَرَادَ أَنْ يُبَيِّنَ بِهِ أَنَّهُ لَيْسَ مَا بَعْدَهُ صِفَةً لِمَا قَبْلَهُ، وَلَمْ يَحْتَجْ إِلَى هَذَا فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي لَا يَكُونُ لَهُ خَبَرٌ. وَكَانَ بَعْضُ الْكُوفِيِّينَ يَقُولُ: لَمْ تَدْخُلْ «هُوَ» الَّتِي هِيَ عِمَادٌ فِي الْكَلَامِ إِلَّا لِمَعْنًى صَحِيحٍ. وَقَالَ: كَأَنَّهُ قَالَ: زَيْدٌ قَائِمٌ، فَقُلْتَ أَنْتَ: بَلْ عَمْرٌو هُوَ الْقَائِمُ؛ فَهُوَ لِمَعْهُودِ الِاسْمِ، وَالْأَلِفُ وَاللَّامُ لِمَعْهُودِ الْفِعْلِ الَّتِي هِيَ صِلَةٌ فِي الْكَلَامِ مُخَالَفَةٌ لِمَعْنَى «هُوَ» ؛ لِأَنَّ دُخُولَهَا وَخُرُوجَهَا وَاحِدٌ فِي الْكَلَامِ، وَلَيْسَتْ كَذَلِكَ هُوَ؛ وَأَمَّا الَّتِي تَدْخُلُ صِلَةً فِي الْكَلَامِ، فَتَوْكِيدٌ شَبِيهٌ بِقَوْلِهِمْ: «وَجَدْتُهُ نَفْسَهُ» تَقُولُ ذَلِكَ، وَلَيْسَتْ بِصِفَةٍ كَالظَّرِيفِ وَالْعَاقِلِ