الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} [الأنفال: 27] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ مِنْ أَصْحَابِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ صَدَّقُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ {لَا تَخُونُوا اللَّهَ} [الأنفال: 27] وَخِيَانَتُهُمُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كَانَتْ بِإِظْهَارِ مَنْ أَظْهَرَ مِنْهُمْ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْمُؤْمِنِينَ الْإِيمَانَ فِي الظَّاهِرِ وَالنَّصِيحَةَ، وَهُوَ يَسْتَسِرُّ الْكُفْرَ وَالْغِشِّ لَهُمْ فِي الْبَاطِنِ، يَدُلُّونَ الْمُشْرِكِينَ عَلَى عَوْرَتِهِمْ، وَيُخْبِرُونَهُمْ بِمَا خَفِيَ عَنْهُمْ مِنْ خَبَرِهِمْ. -[121]- وَقَدِ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِيمَنْ نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ، وَفِي السَّبَبِ الَّذِي نَزَلَتْ فِيهِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: نَزَلَتْ فِي مُنَافِقٍ كَتَبَ إِلَى أَبِي سُفْيَانَ يُطْلِعُهُ عَلَى سِرِّ الْمُسْلِمِينَ