القول في تأويل قوله تعالى: ذلكم فذوقوه وأن للكافرين عذاب النار يقول تعالى ذكره: هذا العقاب الذي عجلته لكم أيها الكافرون المشاقون لله ورسوله في الدنيا، من الضرب فوق الأعناق منكم، وضرب كل بنان بأيدي أوليائي المؤمنين، فذوقوه عاجلا، واعلموا أن لكم في

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ} [الأنفال: 14] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: هَذَا الْعِقَابُ الَّذِي عَجَّلْتُهُ لَكُمْ أَيُّهَا الْكَافِرُونَ الْمُشَاقُّونَ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ فِي الدُّنْيَا، مِنَ الضَّرْبِ فَوْقَ الْأَعناقِ مِنْكُمْ، وَضَرْبِ كُلِّ بَنَانٍ بِأَيْدِي أَوْلِيَائِي الْمُؤْمِنِينَ، فَذُوقُوهُ عَاجِلًا، وَاعْلَمُوا أَنَّ لَكُمْ فِي الْآجِلِ وَالْمَعَادِ عَذَابَ النَّارِ. وَلِفَتْحِ «أَنَّ» مِنْ قَوْلِهِ: {وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ} [الأنفال: 14] مِنَ الْإِعْرَابِ وَجْهَانِ: أَحَدُهُمَا الرَّفْعُ، وَالْآخَرُ النَّصْبُ. فَأَمَّا الرَّفْعُ فَبِمَعْنَى: ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ، ذَلِكُمْ وَأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ بُنَيَّةِ تَكْرِيرِ «ذَلِكُمْ» ، كَأَنَّهُ قِيلَ: ذَلِكُمُ الْأَمْرُ وَهَذَا. وَأَمَّا النَّصْبُ فَمِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ، وَاعْلَمُوا، أَوْ وَأَيْقِنُوا أَنَّ لِلْكَافِرِينَ، فَيَكُونُ نَصْبُهُ بُنَيَّةِ فَعْلٍ مُضْمَرٍ قَالَ الشَّاعِرُ:

[البحر الكامل]

وَرَأَيْتِ زَوْجَكِ فِي الْوَغَى ... مُتَقَلِّدًا سَيْفًا وَرُمْحَا

بِمَعْنَى: وَحَامِلًا رُمْحًا. وَالْآخَرُ بِمَعْنَى: ذَلِكُمْ فَذُوقُوهُ، وَبِأَنَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابَ النَّارِ، ثُمَّ حُذِفَتِ الْبَاءُ فَنُصِبَتْ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015