حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْحُسَيْنِ، قَالَ: ثنا أَحْمَدُ بْنُ الْمُفَضَّلِ، قَالَ: ثنا أَسْبَاطٌ، عَنِ السُّدِّيِّ، قَالَ: " أَنْزَلَ اللَّهُ فِي خُرُوجِهِ يَعْنِي خُرُوجَ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى بَدْرٍ وَمُجَادَلَتِهِمْ إِيَّاهُ، فَقَالَ: {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكِ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقًا مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكَارِهُونَ} [الأنفال: 5] لِطَلَبِ الْمُشْرِكِينَ، {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ} " اخْتَلَفَ أَهْلُ الْعَرَبِيَّةِ فِي ذَلِكَ، فَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْكُوفِيِّينَ: ذَلِكَ أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ لِرَسُولِهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَمْضِيَ لَأَمْرِهِ فِي الْغَنَائِمِ، عَلَى كُرْهٍ مِنْ أَصْحَابِهِ، كَمَا مَضَى لِأَمْرِهِ فِي خُرُوجِهِ مِنْ بَيْتِهِ لِطَلَبِ الْعِيرِ وَهُمْ كَارِهُونَ. وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: مَعْنَى ذَلِكَ: يَسْأَلُونَكَ عَنِ الْأَنْفَالِ مُجَادَلَةً كَمَا جَادَلُوكَ يَوْمَ بَدْرٍ، فَقَالُوا: أَخْرَجْتَنَا لِلْعِيرِ، وَلَمْ تُعْلِمْنَا قِتَالًا فَنَسْتَعِدَّ لَهُ. وَقَالَ بَعْضُ نَحْوِيِّي الْبَصْرَةِ: يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ هَذَا الْكَافُ فِي: {كَمَا أَخْرَجَكَ} [الأنفال: 5] عَلَى قَوْلِهِ: {أُولَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} [الأنفال: 4] {كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ -[35]- بَيْتِكِ بِالْحَقِّ} [الأنفال: 5] وَقِيلَ: الْكَافُ بِمَعْنَى «عَلَى» . وَقَالَ آخَرُونَ مِنْهُمْ: هِيَ بِمَعْنَى الْقَسَمِ. قَالَ: وَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَالَّذِي أَخْرَجَكَ رَبُّكَ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَأَوْلَى هَذِهِ الْأَقْوَالِ عِنْدِي بِالصَّوَابِ قَوْلُ مَنْ قَالَ فِي ذَلِكَ بِقَوْلِ مُجَاهِدٍ، وَقَالَ مَعْنَاهُ: كَمَا أَخْرَجَكَ رَبُّكَ بِالْحَقِّ عَلَى كُرْهٍ مِنْ فَرِيقٍ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ، كَذَلِكَ يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَمَا تَبَيَّنَ. لِأَنَّ كِلَا الْأَمْرَيْنِ قَدْ كَانَ، أَعني خُرُوجَ بَعْضِ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ كَارِهًا، وَجِدَالَهُمْ فِي لِقَاءِ الْعَدُوِّ عِنْدَ دُنُوِّ الْقَوْمِ بَعْضِهِمْ مِنْ بَعْضٍ، فَتَشْبِيهُ بَعْضِ ذَلِكَ بِبَعْضٍ مَعَ قُرْبِ أَحَدِهِمَا مِنَ الْآخَرِ أَوْلَى مِنْ تَشْبِيهِهِ بِمَا بَعُدَ عَنْهُ. وَقَالَ مُجَاهِدٌ فِي الْحَقِّ الَّذِي ذُكِرَ أَنَّهُمْ يُجَادِلُونَ فِيهِ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ مَا تَبَيَّنُوهُ: هُوَ الْقِتَالُ