الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: لَيْسَ الْمُؤْمِنُ بِالَّذِي يُخَالِفُ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتْرُكُ اتِّبَاعَ مَا أَنْزَلَهُ إِلَيْهِ فِي كِتَابِهِ مِنْ حُدُودِهِ وَفَرَائِضِهِ، وَالِانْقِيَادَ لِحُكْمِهِ، وَلَكِنَّ الْمُؤْمِنَ هُوَ الَّذِي إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَ قَلْبُهُ وَانْقَادَ لَأَمْرِهِ وَخَضَعَ لَذِكْرِهِ خَوْفًا مِنْهُ وَفَرَقًا مِنْ عِقَابِهِ، وَإِذَا قُرِئَتْ عَلَيْهِ آيَاتُ كِتَابِهِ صَدَّقَ بِهَا وَأَيْقَنَ أَنَّهَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ، فَازْدَادَ بِتَصْدِيقِهِ بِذَلِكَ إِلَى تَصْدِيقِهِ بِمَا كَانَ قَدْ بَلَغَهُ مِنْهُ قَبْلَ ذَلِكَ تَصْدِيقًا وَذَلِكَ هُوَ زِيَادَةُ مَا تُلِيَ عَلَيْهِمْ مِنْ آيَاتِ اللَّهِ إِيَّاهُمْ إِيمَانًا. {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الأنفال: 2] يَقُولُ: وَبِاللَّهِ يُوقِنُونَ فِي أَنَّ قَضَاءَهُ فِيهِمْ مَاضٍ فَلَا يَرْجُونَ غَيْرَهُ وَلَا يَرْهَبُونَ سِوَاهُ. وَبِنَحْوِ مَا قُلْنَا فِي ذَلِكَ قَالَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ