الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَإِذَا قُرِئَ الْقُرْءَانُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ وَأَنْصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ لِلْمُؤْمِنِينَ بِهِ الْمُصَدِّقِينَ بِكِتَابِهِ الَّذِينَ الْقُرْآنُ لَهُمْ هُدًى وَرَحْمَةٌ: {إِذَا قُرِئَ} [الأعراف: 204] عَلَيْكُمْ أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ، {الْقُرْآنُ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} [الأعراف: 204] يَقُولُ: أَصْغُوا لَهُ سَمْعَكُمْ لِتَتَفَهَّمُوا آيَاتِهِ وَتَعْتَبِرُوا بِمَوَاعِظِهِ وَأَنْصِتُوا إِلَيْهِ لِتَعْقِلُوهُ وَتَتَدَبَّرُوهُ، وَلَا تَلْغَوْا فِيهِ فَلَا تَعْقِلُوهُ. {لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [آل عمران: 132] يَقُولُ: لِيَرْحَمَكُمْ رَبُّكُمْ بِاتِّعَاظِكُمْ بِمَوَاعِظِهِ، وَاعْتِبَارِكُمْ بِعِبَرِهِ، وَاسْتِعْمَالِكُمْ مَا بَيَّنَهُ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ فَرَائِضِهِ فِي آيِهِ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي الْحَالِ الَّتِي أَمَرَ اللَّهُ بِالِاسْتِمَاعِ لِقَارِئِ الْقُرْآنِ إِذَا قَرَأَ وَالْإِنْصَاتِ لَهُ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: ذَلِكَ حَالُ كَوْنِ الْمُصَلِّي فِي الصَّلَاةِ خَلْفَ إِمَامٍ يَأْتَمُّ بِهِ، وَهُوَ يَسْمَعُ قِرَاءَةَ الْإِمَامِ عَلَيْهِ أَنْ يَسْمَعَ لِقِرَاءَتِهِ. وَقَالُوا: فِي ذَلِكَ أُنْزِلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ