مَا حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى، قَالَ: ثنا أَبُو حُذَيْفَةَ، قَالَ: ثنا شِبْلٌ، عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ، عَنْ مُجَاهِدٍ: " {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198] مَا تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى " وَكَأَنَّ مُجَاهِدًا وَجَّهَ مَعْنَى الْكَلَامِ إِلَى أَنَّ مَعْنَاهُ: وَتَرَى الْمُشْرِكِينَ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ. فَهُوَ وَجْهٌ، وَلَكِنَّ الْكَلَامَ فِي سِيَاقِ الْخَبَرِ عَنِ الْآلِهَةِ فَهُوَ بِوَصْفِهَا أَشْبَهُ. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ: {وَتَرَاهُمْ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ} [الأعراف: 198] ؟ وَهَلْ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ شَيْءٌ يَنْظُرُ إِلَى شَيْءٍ وَلَا يَرَاهُ؟ قِيلَ: إِنَّ الْعَرَبَ تَقُولُ لِلشَّيْءِ إِذَا قَابِلَ شَيْئًا أَوْ حَاذَاهُ هُوَ يَنْظُرُ إِلَى كَذَا، وَيُقَالُ: مَنْزِلُ فُلَانٍ يَنْظُرُ إِلَى مَنْزِلِي إِذَا قَابَلَهُ. وَحُكِيَ عَنْهَا: إِذَا أَتَيْتَ مَوْضِعَ كَذَا وَكَذَا، فَنَظَرَ إِلَيْكَ الْجَبَلُ، فَخُذْ يَمِينًا أَوْ شِمَالًا. وَحُدِّثْتُ عَنْ أَبِي عُبَيْدٍ، قَالَ: قَالَ الْكِسَائِيُّ: الْحَائِطُ يَنْظُرُ إِلَيْكَ إِذَا كَانَ قَرِيبًا مِنْكَ حَيْثُ تَرَاهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الشَّاعِرِ:

[البحر الوافر]

إِذَا نَظَرَتْ بِلَادُ بَنِي تَمِيمٍ ... بِعَيْنٍ أَوْ بِلَادُ بَنِي صُبَاحٍ

-[639]- يُرِيدُ: تَقَابَلَ نَبْتُهَا وَعُشْبُهَا وَتَحَاذَى. فَمَعْنَى الْكَلَامِ: وَتَرَى يَا مُحَمَّدُ آلِهَةَ هَؤُلَاءِ الْمُشْرِكِينَ مِنْ عَبَدَةِ الْأَوْثَانِ يُقَابِلُونَكَ وَيُحَاذُونَكَ، وَهُمْ لَا يُبْصِرُونَكَ؛ لِأَنَّهُ لَا أَبَصْارَ لَهُمْ. وَقِيلَ: «وَتَرَاهُمْ» ، وَلَمْ يَقُلْ: «وَتَرَاهَا» أَنَّهَا صُوَرٌ مُصَوَّرَةٌ عَلَى صُوَرِ بَنِي آدَمَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015