القول في تأويل قوله تعالى: والذين كذبوا بآياتنا سنستدرجهم من حيث لا يعلمون يقول تعالى ذكره: والذين كذبوا بأدلتنا وأعلامنا، فجحدوها ولم يتذكروا بها، سنمهله بغرته ونزين له سوء عمله، حتى يحسب أنه هو فيما عليه من تكذيبه بآيات الله إلى نفسه محسن، وحتى

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا سَنَسْتَدْرِجُهُمْ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُونَ} [الأعراف: 182] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِأَدِلَّتِنَا وَأَعْلَامِنَا، فَجَحَدُوهَا وَلَمْ يَتَذَكَّرُوا بِهَا، سَنُمْهِلُهُ بِغِرَّتِهِ وَنُزَيِّنُ لَهُ سُوءَ عَمَلِهِ، حَتَّى يَحْسِبَ أَنَّهُ هُوَ فِيمَا عَلَيْهِ مِنْ تَكْذِيبِهِ بِآيَاتِ اللَّهِ إِلَى نَفْسِهِ مُحْسِنٌ، وَحَتَّى يَبْلُغَ الْغَايَةَ الَّتِي كُتِبَ لَهُ مِنَ الْمَهَلِ، ثُمَّ يَأْخُذَهُ بِأَعْمَالِهِ السَّيِّئَةِ، فَيُجَازِيَهُ بِهَا مِنَ الْعُقُوبَةِ مَا قَدْ أَعَدَّ لَهُ. وَذَلِكَ اسْتِدْرَاجُ اللَّهِ إِيَّاهُ. وَأَصْلُ الِاسْتِدْرَاجِ اغْتِرَارُ الْمُسْتَدْرَجِ بِلُطْفٍ مِنْ حَيْثُ يَرَى الْمُسْتَدْرَجُ أَنَّ -[601]- الْمُسْتَدْرِجَ إِلَيْهِ مُحْسِنٌ حَتَّى يُوَرِّطَهُ مَكْرُوهًا. وَقَدْ بَيَّنَّا وَجْهَ فِعْلِ اللَّهِ ذَلِكَ بِأَهْلِ الْكُفْرِ بِهِ فِيمَا مَضَى بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ فِي هَذَا الْمَوْضِعِ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015