الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ -[586]- تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ} [الأعراف: 176] يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَمَثَلُ هَذَا الَّذِي آتَيْنَاهُ آيَاتِنَا فَانْسَلَخَ مِنْهَا، مَثَلُ الْكَلْبِ الَّذِي يَلْهَثُ، طَرَدْتَهُ أَوْ تَرَكْتَهُ. ثُمَّ اخْتَلَفَ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فِي السَّبَبِ الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ جَعَلَ اللَّهُ مَثَلَهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: مَثَلَهُ بِهِ فِي اللَّهَثِ لِتَرْكِهِ الْعَمَلَ بِكِتَابِ اللَّهِ وآيَاتِهِ الَّتِي آتَاهَا إِيَّاهُ وَإِعْرَاضِهِ عَنْ مواعظِ اللَّهِ الَّتِي فِيهَا إِعْرَاضُ مَنْ لَمْ يُؤْتِهِ اللَّهُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، فَقَالَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ فِيهِ: إِذَا كَانَ سَوَاءً أَمْرُهُ، وُعِظَ بِآيَاتِ اللَّهِ الَّتِي آتَاهَا إِيَّاهُ، أَوْ لَمْ يُوعَظْ فِي أَنَّهُ لَا يَتَّعِظُ بِهَا، وَلَا يَتْرُكُ الْكُفْرَ بِهِ، فَمَثَلُهُ مَثَلُ الْكَلْبِ الَّذِي سَوَاءٌ أَمْرُهُ فِي لَهَثِهِ، طُرِدَ أَوْ لَمْ يُطْرَدْ؛ إِذْ كَانَ لَا يَتْرُكُ اللَّهَثَ بِحَالٍ