اللَّهِ} [الفاتحة: 1] عَلَى مَا بَطَنَ مِنْ مُرَادِهِ الَّذِي هُوَ مَحْذُوفٌ. وَذَلِكَ أَنَّ الْبَاءَ مِنْ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] مَقْتَضِيَةٌ فِعْلًا يَكُونُ لَهَا جَالِبًا، وَلَا فِعْلَ مَعَهَا ظَاهِرٌ، فَأَغْنَتْ سَامِعَ الْقَائِلِ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] مَعْرِفَتَهُ بِمُرَادِ قَائِلِهِ مِنْ إِظْهَارِ قَائِلِ ذَلِكَ مُرَادَهُ قَوْلًا، إِذْ كَانَ كُلُّ نَاطِقٍ بِهِ عِنْدَ افْتِتَاحِهِ أَمْرًا قَدْ أَحْضَرَ مَنْطِقِهِ بِهِ، إِمَّا مَعَهُ وَإِمَّا قَبْلَهُ بِلَا فَصْلٍ، مَا قَدْ أَغْنَى سَامِعَهُ مِنْ دَلَالَةٍ شَاهِدَةٍ عَلَى الَّذِي مِنْ أَجَلِهِ أَفْتَتَحَ قِيلَهُ بِهِ. فَصَارَ اسْتِغْنَاءُ سَامِعِ ذَلِكَ مِنْهُ عَنْ إِظْهَارِ مَا حَذَفَ مِنْهُ، نَظِيرَ اسْتِغْنَائِهِ إِذَا سَمِعَ قَائِلًا قِيلَ لَهُ: مَا أَكَلْتَ الْيَوْمَ؟ فَقَالَ، طَعَامًا، عَنْ أَنْ يُكَرِّرَ الْمَسْؤُولُ مَعَ قَوْلِهِ «طَعَامًا» أَكَلْتُ؛ لِمَا قَدْ ظَهَرَ لَدَيْهِ مِنَ الدَّلَالَةِ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ مَعْنَاهُ بِتَقَدُّمِ مَسْأَلَةِ السَّائِلِ إِيَّاهُ عَمَّا أَكَلَ. فَمَعْقُولٌ إِذَا أَنَّ قَوْلَ الْقَائِلِ إِذَا قَالَ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] ثُمَّ افْتَتَحَ تَالِيًا سُورَةً، أَنَّ إِتْبَاعَهُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] تِلَاوَةَ السُّورَةِ، يُنْبِئُ عَنْ مَعْنَى قَوْلِهِ: {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] وَمَفْهُومٌ بِهِ أَنَّهُ مَرِيدٌ بِذَلِكَ أَقْرَأُ {بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} [الفاتحة: 1] . وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] عِنْدَ نُهُوضِهِ لِلْقِيَامِ أَوْ عِنْدَ قُعُودِهِ وَسَائِرِ أَفْعَالِهِ، يُنْبِئُ عَنْ مَعْنَى مُرَادِهِ بِقَوْلِهِ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] ، وَأَنَّهُ أَرَادَ بِقِيلِهِ {بِسْمِ اللَّهِ} [الفاتحة: 1] : أَقُومُ بِسْمِ اللَّهِ، وَأَقْعُدُ بِسْمِ اللَّهِ؛ وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْأَفْعَالِ. وَهَذَا الَّذِي قُلْنَا فِي تَأْوِيلِ ذَلِكَ هُوَ مَعْنَى قَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ الَّذِي