وَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَحْمَةُ اللَّهِ عَلَيْهِ، وَرَكِبَ بِرْذَوْنًا، فَجَعَلَ يَتَبَخْتَرُ بِهِ، فَجَعَلَ يَضْرِبُهُ، فَلَا يَزْدَادُ إِلَّا تَبَخْتُرًا، فَنَزَلَ عَنْهُ، وَقَالَ: «مَا حَمَلْتُمُونِي إِلَّا عَلَى شَيْطَانٍ مَا نَزَلْتُ عَنْهُ حَتَّى أَنْكَرْتُ نَفْسِي» حَدَّثَنَا بِذَلِكَ يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى، قَالَ: أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، قَالَ: خَبَّرَنِي هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عُمَرَ قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: وَإِنَّمَا سُمِّيَ الْمُتَمَرِّدُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ شَيْطَانًا، لِمُفَارَقَةِ أَخْلَاقِهِ وَأَفْعَالِهِ أَخْلَاقَ سَائِرِ جِنْسِهِ وَأَفْعَالَهُ، وَبُعْدِهِ عَنِ الْخَيْرِ؛ وَقَدْ قِيلَ إِنَّهُ أُخِذَ مِنْ قَوْلِ الْقَائِلِ: -[110]- شَطَنْتُ دَارِي مِنْ دَارِكَ، يُرِيدُ بِذَلِكَ بَعُدْتُ، وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ نَابِغَةِ بَنِي ذُبْيَانَ:
[البحر الوافر]
نَأَتْ بِسُعَادَ عَنْكَ نَوَى شَطُونُ ... فَبَانَتْ وَالْفُؤَادُ بِهَا رَهِينُ
وَالنَّوَى: الْوَجْهُ الَّذِي نَوَتْهُ وَقَصَدَتْهُ، وَالشَّطُونُ: الْبَعِيدُ، فَكَأَنَّ الشَّيْطَانَ عَلَى هَذَا التَّأْوِيلِ، فَيْعَالٌ مِنْ شَطَنَ؛ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ كَذَلِكَ، قَوْلُ أُمَيَّةَ بْنِ أَبِي الصَّلْتِ:
[البحر الخفيف]
أَيُّمَا شَاطِنٍ عَصَاهُ عَكَاهُ ... ثُمَّ يُلْقَى فِي السِّجْنِ وَالْأَكبْالِ
وَلَوْ كَانَ فَعْلَانُ، مِنْ شَاطَ يَشِيطُ، لَقَالَ أَيُّمَا شَائِطٍ، وَلَكِنَّهُ قَالَ أَيُّمَا شَاطِنٍ، لِأَنَّهُ مِنْ شَطَنَ يَشْطُنُ، فَهُوَ شَاطِنٌ