القول في تأويل قوله تعالى: قال فاهبط منها فما يكون لك أن تتكبر فيها فاخرج إنك من الصاغرين يعني بذلك جل ثناؤه: قال الله لإبليس عند ذلك: فاهبط منها، وقد بينا معنى الهبوط فيما مضى قبل بما أغنى عن إعادته. فما يكون لك أن تتكبر فيها، يقول تعالى ذكره:

الْقَوْلُ فِي تَأْوِيلِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {قَالَ فَاهْبِطْ مِنْهَا فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا فَاخْرُجْ إِنَّكَ مِنَ الصَّاغِرِينَ} [الأعراف: 13] يَعْنِي بِذَلِكَ جَلَّ ثَنَاؤُهُ: قَالَ اللَّهُ لِإِبْلِيسَ عِنْدَ ذَلِكَ: {فَاهْبِطْ مِنْهَا} [الأعراف: 13] ، وَقَدْ بَيَّنَّا مَعْنَى الْهُبُوطَ فِيمَا مَضَى قَبْلُ بِمَا أَغْنَى عَنْ إِعَادَتِهِ. {فَمَا يَكُونُ لَكَ أَنْ تَتَكَبَّرَ فِيهَا} [الأعراف: 13] ، يَقُولُ تَعَالَى ذِكْرُهُ: فَقَالَ اللَّهُ لَهُ: اهْبِطْ مِنْهَا يَعْنِي: مِنَ الْجَنَّةِ فَمَا يَكُونُ لَكَ، يَقُولُ: فَلَيْسَ لَكَ أَنْ تَسْتَكْبِرَ فِي الْجَنَّةِ عَنْ طَاعَتِي وَأَمْرِي. فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: هَلْ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَكَبَّرَ فِي الْجَنَّةِ؟ قِيلَ: إِنَّ مَعْنَى ذَلِكَ بِخِلَافِ مَا إِلَيْهِ ذَهَبْتَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى ذَلِكَ: فَاهْبِطْ مِنَ الْجَنَّةِ، فَإِنَّهُ لَا يَسْكُنُ الْجَنَّةَ مُتَكَبِّرٌ عَنْ أَمْرِ اللَّهِ، فَأَمَّا غَيْرُهَا فَإِنَّهُ قَدْ يَسْكُنُهَا الْمُسْتَكْبِرُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015